وصف الكتاب:
تنقسم الرعاية الصحية إلى وقاية، وعلاج، وتأهيل، حيث نجد أن الوقاية هي أقوى أنواع العناية بالفرد والمجتمع. وأن الفرق كبير بين أن نترك الإنسان ليصاب بالمرض ثم نسعى لمعالجته وبين أن نقيه من المرض أصلا. وكما قال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه (الطب النبوي): "وقد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء لا يعدل عنه إلى الدواء ". رست قواعد الطب الوقائي في الإسلام منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا من الزمان، وقد جاءت هذه الأسس على شكل تعاليم عامة، تتضمن أوامر ونواهي يمارسها المسلم وإن كان لا يعلم حقيقة فوائدها الصحية وإنما يمارسها امتثالا لأمر الله. وعندما تقدمت العلوم في القرن العشرين واكتشفت الأمراض ومسبباتها وعرفت الجراثيم ووسائل انتقالها وظروف معيشتها بدأت تتكشف لنا بعض الحقائق الصحية والحكم الطبية المذهلة التي تنطوي عليها التعاليم الإسلامية الخالدة. ويذكر التاريخ علماء أجلاء تحدثوا عن نظرية الوقاية مثل ابن سينا الذي وضع في كتابه القانون الأسس المنهجية والقواعد الوقائية والإجراءات العملية لحفظ الصحة، ويبرز الأركان والقواعد الأساسية للوقاية الصحية في الإسلام، والعوامل المؤثرة في صحة الإنسان، والأسباب والكيفيات المرضية، ثم تحدث عن تدبير الوقاية وحفظ الصحة. إن مساحة الرقعة الزراعية في مصر ثابتة منذ زمن بعيد (حول نهر النيل والدلتا فقط(، ولقد ارتفع عدد سكان مصر من حوالي 11 مليون نسمة في بداية القرن العشرين 1900 م إلى أكثر من سبعة أو ثمانية ضعف في بداية القرن الواحد والعشرون ليصل إلى أكثر من 80 مليون نسمة ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 150 مليون في عام 2050م، وبالتالي أصبح نصيب الفرد من الأراضي الزراعية ينقص ويقل بالتدريج، مما أدى إلى انتشار أمراض سوء التغذية والتي تؤثر بصورة مباشرة على إنتاجية الفرد. ونتيجة أخرى هي معاناة الدول المتقدمة من أشكال أخرى من سوء التغذية ألا وهي زيادة الاستهلاك دون النظر إلى التوازن الغذائي، مما ينتج عنه أمراض مثل السمنة Obesity، ارتفاع وزيادة الكوليستيرول في الدم Hypercholesterolemia، تصلب الشرايين Atherosclerosis، والنقرس أو داء الملوك Gout، السكري Diabetes Mellitus. هناك ثورة خفية وغير معلنة داخل النفوس البشرية عامة والعربية والمسلمة خاصة على الكيماويات والعلاج بالمواد الكيماوية بما لها من آثار جانبية شديدة الخطورة على الصحة العامة وحياة الإنسان. وبالتالي ظهر على سطح الحياة في جميع أنحاء المعمورة ما يسمى بالطب البديل أو الطب غير الكيميائي بعد أن تأكد بالفعل للإنسان أن السبب الرئيسي للأمراض العصرية هو الغذاء، وطرق التغذية المختلفة غير الصحية، "المعدة بيت الداء" وهذا مما يوضح لنا جميعا لماذا نشدد ونصر على دور الغذاء والتغذية بداية من البذرة ونوعها وكيفية انتقائها، والعملية الزراعية نفسها، والتسميد، وطرق تخزين وحفظ الغذاء ثم طرق تحضير الطعام وكيفية تناوله وكيفية العلاج به. لذلك فسوف نتعرض لذكر كافة أسباب المرض، وكافة الطرق العلاجية مع التركيز على الأسباب الغذائية وطرق العلاج بالتغذية والغذاء. مع العلم أن لكل مرض مواصفاته وخصائصه، ولهذا لا بد من مراجعة الطبيب حتى لا يقع المريض في أخطاء تشخيصية أو علاجية أو غذائية، قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. وما يقدم من معلومات ما هي إلا بعض النصائح للأصحاء لوقايتهم من الأمراض، وللمرضى لشفائهم بإذن الله تحت إشراف طبي. ولو أننا اهتممنا بما يدخل المعدة من حيث النوع، والحجم، والكيفية، واتبعنا آداب الإسلام في الطعام والشراب، لما كان لدينا هذا الكم الكبير من المشاكل الصحية، فالطعام السيء وغير المتوازن لزمن طويل يقلل مناعة الجسم، بينما الطعام الصحي والمتوازن يجنبنا المشاكل الصحية المرضية والغذائية. وهذا لا يغني عن مراجعة الطبيب المتخصص، فلكل مرض مواصفاته وخصائصه. إن استعمال الغذاء في الوقاية أو العلاج من الأمراض كان معروفًا منذ عدة قرون حيث كان ذلك مبنيًا على الاعتقادات، أو العادات، أو العرف وبدون قاعدة أو أساس علمي ولكن خلال العقود الأخيرة وخصوصاً العقد الماضي تأكد دور وفعالية بعض المركبات الكيميائية الموجودة في الأغذية في الوقاية والعلاج من بعض الأمراض، ومع ذلك فهناك بعض المركبات الكيميائية الموجودة في الأغذية تفتقر أو تنعدم فعاليتها العلاجيـة والإفراط في تناولها بصورة مزمنة قد يؤثر سلباً على صحة الفرد لذلك مازلنا نحتاج لمزيد من الأبحاث لمعرفة التأثير طويل المفعول على مدى سلامة هذه المركبات على جسم الإنسان