وصف الكتاب:
لأول وهلة، وبدءاً من عنوان الكتاب، يطرح المتلقي تساؤلاً حول دلالات اختيار المؤلف للقهوة ليتناولها من الناحيتين الطبية والأدبية، وذلك على نحو ما طرحته الشرق من سؤال على د. حجر البنعلي. والذي أجاب عنه بأن اهتمامه بالقهوة، والحرص على إبراز وضعها بين الطب والأدب، يأتي لأهمية القهوة في المجالس، وحضورها اللافت من عمق التراث القطري، علاوة على حرصه على تناولها من الناحية الطبية، كونه طبيب قلب، واطلع على العديد مما قيل عن أضرارها على القلب، وخاصة مرضى ارتفاع ضغط الدم. هذا السبب كان دافعاً للدكتور حجر إلى الكتابة عن القهوة، عبر مؤلفه الجديد، الذي وزعه عبر ثلاثة أبواب، صدر الباب الأول باستعراض تاريخي للقهوة، والمراحل التي مرت بها، وفي مقدمتها تحريم احتسائها، إلى أن أخذت في الانتشار. وتوقف د. حجر في الباب الثاني عند تناول القهوة في الشعر العربي القديم، واستعراضه لتناول قهوة البن في الشعر العربي، علاوة على رصده لحال القهوة في الأدب الصوفي. واختار بعضاً من أشعار الصوفيين في القهوة. ورصد المؤلف في الباب الثالث نسب الكافيين بالقهوة، ومدى تأثيرها في القلب والأوعية الدموية، ومدى تأثيرها على مرضى السكري، وتأثيرها السحري على الكبد، وأهميتها لمرضى السرطان، علاوة على توقفه عند الآثار الصحية الأخرى للقهوة، مستعرضاً تناول المرأة للقهوة، وتأثيرها على المرأة الحامل. ذاكرة تاريخية استهل المؤلف كتابه بالحديث عن قصته مع القهوة، وهو الحديث الذي يعكس أيضاً مدى اهتمامه بها، للكتابة عنها طبياً وأدبياً، مسترجعاً بطفولته الكثير من التغيرات على إعداد وتحضير القهوة في الخليج وأدواتها وشرابها، وهي التغيرات التي وقعت أمام عينيه في منزله عبر السنين. ويعرب عن أمله في أن يكون تأثره بالقهوة في طفولته وسرده لها يعطي الجيل الحالي صورة عن تاريخ القهوة وما طرأ عليها من تغيرات خلال ما يقرب من السبعين سنة الماضية. ويقول د. حجر إن القهوة المطحونة لم تكن تباع في الأسواق كما هي الحال الآن، "بل تحضر ربة البيت القهوة من حبوب البن يومياً، حيث تحمسها على النار في المقلاة المصنوعة من الحديد، وتقلبها وتحركها بالمحماس الحديدي أو النحاسي، ثم تدقها من المنحاز المصنوع من الخشب قديماً، ولم يكن يستعمل في بيتنا إلا المصنوع من المعدن، كالحديد والنحاس الذي غلب عليه اسم الهاون بدلاً من المنحاز". ويواصل المؤلف حديثه بأنه كان يتم دق المحمسة فتسحق وتنعم في الهاون يدوياً بأداة من جنسها تسمى الرشاد (يد الهاون)، وهي عبارة عن عمود معدني. وارتطام الرشاد بالهاون كان ينتج ترنمات يطرب لها شراب القهوة المتعودون على سماعها. ويتذكر د. حجر عندما كان في سن الثامنة أو التاسعة من عمره، أن والده وهو القاضي الشرعي لرأس الخيمة، كان يستقبل ضيوفه ويقهويهم في فصل الصيف في ظل شجرة غافة ظليلة معمرة بقرب منزل العائلة الصيفي، وكانت تلك الغافة تسمى "غافة آمنة"، "وسمعت من أخوالي وخالاتي بأنها فاقت المائتين وخمسين سنة من العمر آنذاك، وفاقت الثلاثمائة سنة الآن". وفي هذا السياق يتوقف د. حجر عند قصيدته "الضيوف" في ديوانه "لامية الخليج"، والتي تعرض فيها إلى قصة إعداد القهوة آنذاك. وأوردها في كتابه المشار إليه. موقف الشعراء من القهوة أبواب الكتاب، والتي تعرض لها د. حجر خلال حفل التدشين، كانت دافعة للصحفيين للاستفسار عما إذا كان الشعراء قد تناولوها بالقدح. فأجاب المؤلف بأنهم تناولوها على سبيل الترفيه والتسلية. واصفاً القهوة القطرية بأنها غير ضارة بالصحة، وأن نسبة الكافيين فيها قليلة للغاية. الآثار الصحية للقهوة دفعت الحضور أيضاً إلى الاستفسار أكثر عن مدى أضرارها على الصحة العامة، وهو ما أوضحه د. حجر بأن القهوة مفيدة لمرضى السكري، كونها تخفض نسبته في الدم، كما أنها مفيدة لمرضى الكبد، "لتأثيرها السحري والقوي للكبد". غير أنه لفت إلى خطورتها على المرأة الحامل، كون الجنين يصعب عليه هضم الكافيين، "ولذلك ينصح بتقليل احتساء القهوة للمرأة الحامل". مؤكداً أن ما توصل إليه من عدم تأثير القهوة الضار على الصحة اعتمد على دراسات موثقة، "وهذه الدراسات جاءت بناء على دراسات أخرى تثبتها، وتؤكد نتائجها". وحول المراحل التي حظيت فيها القهوة بقصائد الشعراء، يلفت د. حجر إلى أن انتشار احتسائها عادة حديثة، "لذا فإن الأشعار التي قيلت في قهوة البن قليلة في الأدب العربي، ولا ذكر لها في الشعر العربي القديم، لأن شرابها لم ينتشر ويعرف جيداً إلا أواخر القرن الخامس عشر، ومنذ ذلك القرن وبعد انتشارها في المجتمعات العربية المختلفة، تكونت آداب وتقاليد مختلفة في تحضيرها وشربها وتقديمها للضيوف". ويكشف المؤلف أن أول من كتب الشعر في قهوة البن وفوائدها هم الصوفيون. ويتوقف عند بعض أشعار الفصحى وامتداحهم للقهوة، وذلك في القرن السادس عشر، عندما بدأ انتشارها.