وصف الكتاب:
اتضح من دراسة العمارة الدينية والجنائزية السعدية العديد من النتائج المرتبطة بتاريخها وطرزها المعمارية وعناصرها الزخرفية. فقد أوضحت الدراسة التاريخية سوء الأوضاع التى كان عليها المغرب الأقصى قبل الدولة السعدية فى مطلع القرن (10هـ / 16م), من وحدات سياسية متعددة, نتجت عن ضعف السلطة المركزية بفاس التي كانت متمثلة حينذاك فى الوطاسيين, وتدهور إقتصادي نجم عن الفتن ولإضطرابات التي كانت عليها البلاد فى الداخل والخارج, وفوضى إجتماعية زادها تأخر أنماط الحياة المختلفة, وسيادة المجتمع القبلي, ثم جمود فكري وجهل غالب على العامة, وظهور دعاة زوايا وطرق صةفية, غلب على بعضها الشذوذ والشعوذة, وزاد هذه الأوضاع سوء الأخطار الخارجية التى كانت تهدد البلاد من جراء الإحتلال الإسباني والبرتغالي لمعظم السواحل المغربية. وكشفت الدراسة التاريخية أيضا أن المغرب الأقصى كله كان مهدداً بالسقوط فى قبضة القوى المسيحية, نتيجة لضيبة القوى الوطنية التى عليها تصيئة الطاقات, والوقوف جبهة قوى متماسكة لمجابهة هذه الأخطار. وأكدت الدراسة التاريخية والحضارية للعصر السعدي, أن دولة الأشراف السعديين لم تستمد مقومات قيامها لمجرد رغبة جماهير الشعب المغربي فى ”التبرك” بهم, سيما وأن المغرب كان يشتمل حينذاك على عدة فروع من الأشراف, وإنما كانت هناك عوامل أخرى تتعلق بسلوك هذه الأسرة التي لم تحاول استقطاب الأشراف, وبالتالي فلم تتمتع بجرايات وامتيازات كغيرها من فروع الأشراف, الأمر الذى قوى مكانة الأشراف السعديين بالجهاد ومقاومة المحتل الأجنبي ببلاد درعة فى جنوب المغرب. وأكدت الدراسة التاريخية والحضارية أن محمد بن عبد الرحمن مؤسس الدولة السعدية لم يتقلب بألقاب الخلافة بصفته مؤسساً للدولة التى تنتمى إلى الأشراف, وتبعه فى ذلك أكبر أبنائه أحمد الأعرج, الذي أكتفى بلقب ”الأمير” بينما تلقب ابنه الأصغر محمد الشيخ بلقب ”ملك سوس” عندما كان حاكماً بهذا الإقليم نيابة عن أبيه وأخيه, غير أنه بمجرد خلفه لأخيه أحمد الأعرج وتولى حكم المغرب أتخذ على الفور لقب الخلافة, وتلقب بـ ”أمير المؤمنين”.