وصف الكتاب:
إذا ما رجعنا إلى سيرة الشريف الرضي سنعرف أنه هوالذى جمع مفردات «النهج» وذلك في ٤٠٠ ھ ولكن ثمة من نسب جمع النهج إلى الشريف المرتضى أخي الرضي ، من هؤلاء جورجي زيدان [١] إذ قال «والصحيح إنه من جمع الشريف المرتضى»، وكذا قال بروكلمان [٢] ، أما شوقي ضيف فقد قال في كتابه (تاريخ الأدب العربي – العصر العباسي /١٢٨): «إن اعتراف الشريف الرضي بجمعه (النهج) دليل على وضعه إياه، وبذلك قد خلط بين الوضع والجمع». في الحقيقة إن تلك الأقوال لا تريد التشكيك في من جمع (النهج) بقدر ما تريد التضبيب حول عائدية (النهج) أصلأ ، إلى الإمام علي عليه السلام ، وذلك للتقليل من شأنه وشأن أمير المؤمنين عليه السلام . والمسألة قديمة ؛ إذ أن خصومه عليه السلام ، منذ بزوغ نجمه – سواء في الغزوات والحروب في بدء الدعوة الإسلامية وفي تقريب النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم إياه قولاً وعملاً – أخذوا ينالون منه بوسائل شتى يوم غدير خم ، الذي رفع الرسول الكريم فيه علياً عليه السلام وقال : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله». أو قبل ذلك يوم زوَّجه ابنته فاطمة الزهراء عليه السلام ومن خلال أحاديثه صلى الله عليه واله وسلم الكثيرة في حق الإمام عليه السلام كقوله صلى الله عليه واله وسلم وهو يخاطبه «يا علي .. حبك إيمان وبغضك نفاق ؛ وأول من يدخل الجنة محبك ، وأول من يدخل النار مبعضك ». وقد أحسَ خصوم الإمام بأنه سيكون له شأن في البنيتين الفوقية والتحتية للهيكلية الإسلامية فصاروا ينالون منه بطرق خبيثة حتى في زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم أو بعده ، ففي زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم نذكر الرواية التي تقول أن الرسول صلى الله عليه واله وسلم بعث علياً في سريَة ليقبض الخمس فاصطفى منه سبيَة ؛ واتفق أربعة من شهود السرية أن يبلغوا ذلك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم متعاقبين واحداً بعد واحد في قول واحد ، فلما فرغ الرابع من حديثه أقبل عليه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد تغيَر وجهه ، فقال «ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن ومؤمنة».