وصف الكتاب:
هناك تحولات جذرية في وسائل الإنتاج، وأساليب التوزيع، وأنماط الاستهلاك. كما إن الوعي الفردي والاجتماعي قد وصل إلى مراحل قلَّت فيها -نسبياً- أهمية المحفزات الاقتصادية المحضة. إضافة إلى ذلك فإن انفتاح العالم على بعضه معلوماتياً قد قلل من وسائل احتكار المعرفة والتي تُعد المقوم الأساسي لأي نهضة. كما إن التنافس في الاقتصاد المعاصر قد أصبح أكثر اعتماداً على المعرفة. هذه الأمور لن تقف، بل ستزيد مما يتطلب نظرة تقييمية عميقة إلى الاستراتيجيات الحالية للتنمية أو التطوير البشري والاجتماعي والاقتصادي. حتى الآن فإن التركيز منصب على أمور كلية مثل إعادة هيكلة الاقتصاد، أو تطوير المورد البشري، أو تطوير المؤسسات- حكومية وغير حكومية- بإعادة تشكيل هياكلها، وتوزيع صلاحياتها وتطوير نظام المحفزات والروادع فيها. أيضاً ينصب الاهتمام على اختيار استراتيجية كلية بين الاستراتيجيات المطروحة وتحديد آليات تنفيذها. وتظل هذه الأمور من الأهمية بمكان، ولكن طبيعة التغييرات القائمة تستدعي التركيز والاهتمام على أمور أخرى هي: الثقافة، وتجسير الفجوة المعرفية، والتناغم بين الكل والجزء، والشبكات الاجتماعية. والاهتمام بها ليس من حيث كونها تمثل استراتيجية بديلة، وإنما من حيث كونها تخلق تواصلاً فاعلاً وعملياً بين أي استراتيجية وبين النتائج المطلوبة منها. إن هذا الكتاب الصغير في حجمه والكبير في مضمونه يتضمن مقالتين يستهدفان الإسهام في وضع استراتجية لبناء الإنسان الذي يحرص على المعرفة ويهتم بالمهارة ويلتزم بأداء المسؤوليات، وكذلك تشييد المجتمع الأخلاقي القادر على إدارة نفسه بالعلم والمهارة وأخلاق المسؤولية.