وصف الكتاب:
في هذا الكتاب ينسف شاكر لعيبي الوعي التقليدي حول أن الفن الإسلامي تقليد للفن البيزنطي، معتبراً أن سكان سورية والعراق والآراميين أو العرب المسيحيين من الحرفيين : الصاغة ، الخطاطين ، النحاسين ، الصفارين ، الخزافين ، النجارين ، هم الذين ساهموا في تطوير كل من الفنين البيزنطي والإسلامي. لقد جرى تثبيت أن الفن الإسلامي كله متأثر بالفنين البيزنطي والساساني. فكتب تاريخ الفن تدرج حتى اليوم مبحثين عن الفن البيزنطي والإسلامي في مجلد واحد. هكذا نفي المسيحيون العرب بعد حين من مجالهم الثقافي الطبيعي، ونظر إليهم كحالة استثنائية في داخل الحضارة العربية الإسلامية. ويتعلق المبحث في هذا الكتاب، وعلى وجه الدقة بموضعة الإنجاز الفني للمسيحيين العرب في مكانه المناسب، وذلك بمناسبة مخطوطة محفوظة في المكتبة الوطنية في مدريد بإسبانيا، وهي تبدو للباحث انها لم تعالج فنياً ولم تفحص تاريخياً كما يتوجب، وهو يزعم في هذا البحث أن ثمة منمنمات كثيرة في هذه المخطوطة المنسية يمكن نسبتها إلى فنانين مسيحيين عرب وليس إلى بيزنطيين، المصطلح الغامض كما يستخدمه المعلق وناشر المخطوطة الإسباني. ويقول الباحث بأن مناقشة هذه المخطوطة هي مناسبة جيدة من أجل إثارة المساهمة المحلية في تكوين الفن البيزنطي، كما من أجل إعادة تأهيل واعتبار لرسامين عرب، مسيحيين كما يعتقده الباحث، محسومين لصالح بيزنطة رغم أنهم قد أنتجوا (كما يشير تاريخ إنجاز المخطوطة) في الفترة الخصبة من عمر الحضارة العربية الإسلامية. من الناحية المنهجية سيتابع الباحث المخطط التالي: سيحلل في البدء فرضيات المتخصص الإسباني المعلق على مخطوطة مدريد من زاويتين اثنتين، منطقية وأسلوبية، مشدداً على اعترافه الخجول "بوجود عناصر عربية" في المنمنمات التي يدرسها من دون أن يمنحها ما تستحق من العناية. في المرحلة اللاحقة سيقوم الباحث بالتعمق بالعناصر التاريخية المثارة على عجل في تحليلات المعلق الإسباني، والمتعلقة بالمسيحيين العرب المحسوبين ثقافياً على بيزنطة، وتتعلق بالجهد الذي بذلوه من أجل إقامة فن ديني مفارق إلى حدج ما لما كان ينجز في الفترات نفسها على ضفاف المتوسط كما ستتم مناقشة، وبالعودة إلى ملحوظات المعلق الإسباني نفسه، أهمية الإنجاز العربي الإسلامي في صقلية، كما سيعاود الباحث التذكير بالإرث الفني المسيحي في المراجع العربية، خصوصاً في ما يتعلق بالأيقونة وما كتب عنها. وسيعود الباحث في المرحلة الأخيرة إلى تحليل منمنمات أرى من المخطوطة ذاتها للتأكد ثانية من صحة فرضيته، وسيحلل العناصر البنائية والزخرفية والأسلوبية في المنمنمات التي تبدو له أنها من إنجاز فنان (أو فنانين) مسيحيين عرب، هكذا يود البحث أن يعيد الاعتبار إلى هؤلاء الرسامين طالما أن أسلوبهم الفني لا يختلف كثيراً، أو أبداً، عن أسلوب مواطنيهم المسلمين المنتجين أعمالاً في ذات الحقبة التاريخية.