وصف الكتاب:
حضـارة بـلاد الرافـــــدين مـن العصــــــر البابلي القـديم (2004-1595ق.م) إلى العصـــــر الآشــوري الحــديـث (2000-612 ق.م) المقدمــــــــــــــــــــــــة تدفقت إلى بلاد الرافدين خلال العصر البابلي القديم (2004-1595ق.م) أقوام تعد من أكبر الأقوام السامية أطلق عليها اسم الكنعانيين حديثاً (الكنعانيين الشرقيين هم الآموريين), ولم تحل لهجته هذه الأقوام اللهجة السامية الغربية محل اللغة الأكدية (أي السامية الشرقية في بلاد الرافدين), وذلك بسبب عدم توفر الأدلة الأثرية أي النصوص المدونة بلغتهم والتي تعود إلى السلالات الآمورية الحاكمة ويرجح أنها كانت من اللغات المحكية لجماعات مختلفة من السكان الذين اختلطوا بالساميين القدامى. استوطن الآموريين أجزاء مختلفة من بلاد الشام منذ أقدم العصور التاريخية والتي تدفقت إلى بلاد الرافدين على شكل هجرات أسفرت عن قيام دول المدن في هذا العصر, ولم تنقطع هجرات تلك الأقوام الآمورية في اندفاع أو في موجة واحدة ولم تقتصر على السهل الرسوبي في استيطانها, وقد انقسمت إلى موجتين الموجة الأولى كانت في أواخر سلالة أور الثالثة (عهد الملك ابي- سين) أو (عهد الملك شو- سين) التي قضت على تلك السلالة ونتج عن ذلك قيام العديد من السلالات منها سلالة أيسن ولارسا وبعد زهاء قرن على هجرة تلك الموجة انحدرت جماعات أخرى من الآموريين من جهات الفرات الأعلى والأوسط إلى بلاد الرافدين . بينما حكم الآشوريين القسم الشمالي من بلاد الرافدين واستقروا فيه لاسيما في منطقة التي تعرف بــــــــــ (سوبارتو) التي شهدت تأسيس أولى المدن الآشورية وقد عرفت أحدى عواصمهم بـــ مدينة آشور, وتكلم الآشوريين بإحدى لغات العائلة السامية (تقسم الأكدية الأم إلى اللغة الأكدية واللغة البابلية). استوطن الآشوريين القسم الشمالي الشرقي من بلاد الرافدين حيث يخترقه دجلة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي والأراضي الكائنة على جانبيه من خط العرض السابع والثلاثين شمالاً, لكن لاتوجد حدود طبيعية واضحة في الجنوب ولعله يمكن اعتبار نهر العظيم الحد الجنوبي لذلك الموطن, ويحده من الشمال والشرق سفوح الجبال فضلاعن نهر دجلة يمر في بلاد آشور الزابان الزاب الأعلى والأسفل باستثناء السفوح الجبلية لبلاد آشور شرقاً وشمالاً, ولاتوجد حدود طبيعية من الغرب إلى الخابور والفرات (أي مابين النهرين أو الجزيرة) وكانت الحدود ما بين بلاد آشور وبين بلاد بابل إلى الجنوب تتغير تبعاً لقوة أو ضعف البلدين . لا تزال نظرية كون الجزيرة العربية مهد الساميين معمول عليها بيد أن الكثير ممن أطلق عليهم بالساميين منهم الآشوريين والآموريين وغيرهم لم يأتوا مباشرةً من الجزيرة إلى القسم الشمالي من بلاد الرافدين, ويرجح أنهم استوطنوا من بعد هجرتهم البعيدة في موطن آخر وفي بوادي الشام وبادية بلاد الرافدين كما الحال بالنسبة الآموريين . أخيراً أشير إلى أن مادة البحث قد قسمت إلى عدة فقرات كتبت في الفقرة الأولى عن حضارة بلاد الرافدين خلال العصور البابلية (العصر البابلي القديم والوسيط والحديث), بينما كتبت في الفقرة الثانية عن حضارة بلاد الرافدين خلال العصور الآشورية (العصر الآشوري القديم والوسيط والحديث), إما المقدمة فقد اقتصرت فيها عن كتابة تعريف بسيط وموجز عن الآموريين والآشورريين فقط كما ذكرت آنفاً. حضــــــارة بـلاد الرافـديـن خـــلال العصـــــور البــــابليـة (العصر البابلي القديم والوسيط والحديث) - الجانب السياسي خلال العصر البابلي القديم: تعرض بلاد الرافدين للاحتلال العيلامي مماأدى إلى تدهور وضع البلاد نتيجة الضعف والانحلال والفوضى السياسية التي سادت في البلاد خلال العصر البابلي القديم, فضلا عن قيام دويلات منفصلة ومتصارعة. أسس الآموريين عدة ممالك حاكمة أقدمها اشنونا وآشور في القسم الشمالي, ماري في القسم الغربي, ايسن ولارسا في القسم الجنوبي وبابل في القسم الوسطي. كان من ابرز ملوك سلالة ايسن ولارسا السلالة الآمورية البالغ عدد ملوكها 14 ملكاً هو أشبي- ايرا الملك الذي أعلن استقلاله عن مدينة اور الذي أعلن استقلاله عن مدينة اور, والذي تمكن من تأسيس سلالة حاكمة وطرد العيلاميين بعد سقوط مدينة اور وتحرير البلاد, وجعل هذا الملك نفسه الوريث الشرعي للسومريين ومن الألقاب السومرية التي استخدامها هذا الملك لقب سومر وأكد. تدهورت اوضاع هذه السلالة فترة الملك لبت- عشتار الذي دون القوانين التي سبقت قانون حمورابي على الألواح الطينية عالجت هذه القوانين أمور متعلقة بالأوضاع الفساد الإداري والاقتصادي, وفي نهاية حكم هذا الملك ساد ضعف في كيان هذه السلالة إدى إلى سقوط السلالة فترة الملك دامق- ايليشو. كان الملك ريم- سين من ابرز ملوك سلالة لارسا الذي تمكن من اسقاط سلالة ايسن دام حكمه مايقارب 60 سنة, ومن ابرز اعماله انشغاله بالكثير من الإصلاحات الداخلية, وتحسين حالة الزراعة بفتح الترع والقنوات, ومن الأسباب التي أدت إلى سقوط هذه السلالة هي ظهور ملك قوي وهو حمورابي من سلالة بابل الأولى في اخر عهده وحدثت حروب طاحنة بين الطرفيين كان من نتيجتها سقوط سلالة لارسا سنة 1763ق.م وظهور سلالة بابل الأولى البالغ عدد ملوكها 11 ملكاً, واستطاع هذه الملك أن يضع حد للحروب التي كانت بين السلالات فضلاعن توحيد البلاد واسقاط جميع الاطراف المعادية, وضم تلك السلالات تحت حكمه, وبذلك أصبح أقوى شخصية عرفها تاريخ بلاد الرافدين, وبسبب عدم استقرار البلاد وكثرة الحروب واجه هذا الملك تدهور اقتصادي وفوضى ادارية واحلالاً اجتماعياً فاصدر هذا الملك قانونه الشهير الذي نظم الحياة داخل المجتمع البابلي حتى في المناطق التابعة لحكمه واشتهر هذا الملك باعماله العمرانية والحربية, كما ساعد على نشر الثقافة البابلية, وأصبحت البلاد خلال حكمه على درجة كبيرة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتطور الحضاري. بلغ بلاد الرافدين فترة حكم الملك سومو- ابوم أوج ازدهاره وعظمته الحضارية والثقافية والسياسية, وقد اتخذ هذه الملك من مدينة بابل عاصمة له في اثناء الصراع الحاد بين سلالتي ايسن- لارسا. أصبحت اللغة البابلية القديمة هي لغة التخاطب الرسمية بشكل عام في بلاد الشرق الأدنى. حكم بعد وفاة الملك حمورابي خمسة ملوك هم سمسو- ايلونا وابي- ايشوخ وامي- ديتانا وامي- صدوقا, وقد تعرضت البلاد خلال حكمهم إلى بعض الثورات والفتن لاسيما في المدن الجنوبية. استطاع احد المتمردين الذي يعرف بـــ ايلوما- ايلو أن يستقل عن الحكومة المركزية, وأن يؤسس سلاله عرفت باسم سلالة القطر البحري (سلالة بابل الثانية) لمجاورتها مناطق الخليج العربي والاهوار, و دخل ملوك هذه السلالة البالغ عددها 11 ملكاً بعدة صراعات مع ملوك سلالة بابل الأولى, وكان من نتائج هذه الصراعات تخربت البلاد وتدمير المدن القسم الجنوبي من بلاد الرافدين وظلت على حالها حتى مطلع الحكم الكشي فقد قضي على استقلالها في عام 1500ق.م . - الجانب الاقتصادي خلال العصر البابلي القديم: اهتم ملوك هذا العصر بالزراعة عن طريق تطوير الأساليب الزراعية والادوات المستعملة فيها مماأدى إلى ازدياده الانتاج الزراعي لاسيما في فترة حكم الملك حمورابي إذ اقام بتطوير الزراعة عن طريق تنظيم ملكية الأراضي الزراعية, توزيعها, ايجارها, عدم استغلال الافراد لحقوقهم, انشاء المشاريع الاروائية وحفر القنوات الجديدة وتطهير القديمة منها وكان يتم استغلال الفائض من الانتاج في تنمية الهيكل الاقتصادي العام وايضاً تعد تربية الحيوانات عاملاً مهماً في ازدهار الاقتصاد في هذا العصر كمهنة الراعي , إما الصناعة فقد ازدهرت في هذا العصر لاسيما بعد زوال سلطة المعبد فاصبحت الكثير من المهن والصناعات خاصة بافراد وعوائل معينة بسبب بقاء اسرار المهنة والحرفة محصورة بين الافراد العائلة ولايقتصر العمل على الرجال والنساء البالغين بل شمل الاطفال ايضاً , بينما تؤكد العقود والوثائق التجارية المختلفة وتشمل المعاملات التجارية كمعاملات البيع, الشراء, الايجار والقرض والصيرفة على تطور التجارة عماكانت عليه في العصور السابقة وايضاً بينت القوانين لاسيما قانون حمورابي عن مدى الحرية التي منحتها الدولة للتجار لاجل القيام بنشاطاتهم التجارية ودفعت العلاقة بين التجار إلى تأسيس مايشبه النقابة والجدير بالذكر أن المرأة ايضاً كانت تشارك في الاعمال التجارية المختلفة وايضاً كان يحق لها التصرف باملاكها بحرية لكن لم تصل إلى المركز الرجل في التجارة . - الجانب الاجتماعي خلال العصر البابلي القديم: يتكون المجتمع البابلي من طبقتين هما طبقة الاحرار وتشمل العائلة المالكة والنبيلة, طبقة الكهنة, القسم الاعظم من الشعب إما الطبقة الثانية فهي طبقة العبيد هذا فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي . تشير الشرائع المدونة إلى اتجاه خطير في حياة الاجتماعية وتنظيم العلاقات الاجتماعية بقوانين مدونة تطبق احكامها على جميع الناس التابعين للدولة وفي عهد حمورابي اصدر شريعة عامة موحدة تطبق احكامها على جميع البلاد, ومن هذه الشرائع المدونة فقد جاءتنا قوانين سبقت شريعة حمورابي منها شريعة مملكة اشنونا التي عثر عليها في تل حرمل من قبل مديرية الآثار العراقية ويعتقد أنها تعود إلى احد ملوك هذه المملكة وهو بلالاما قبل الملك حمورابي بنحو قرنيين وايضاً شريعة لبت- عشتار خامس ملوك سلالة ايسن والتي تسبق شريعة حمورابي بنحو 170 عام . - الانتشار الحضاري خلال العصر البابلي القديم: انتشار حضارة هذا العصر من بلاد الرافدين ووادي النيل إلى جميع انحاء الشرق الادنى فضلاعن مناطق اخرى نائية لم تكن قد وصلت اليها تأثيرات الحضارات القديمة في العصور السابقة وعن طريق التجارة وصلت تأثيرات هذه الحضارة إلى سواحل البحر الاطلسي, البحر الشمالي, برارى آسيا الوسطى وجنوبي روسيا وكان من نتائج هذا الانتشار هو تكاثر السكان وارتفاع مستوى المعيشة, اتساع الخبرة والمعارف البشرية. ابرز مالوحظ على هذا العصر هو هجرات الأقوام السامية من الساميين الغربيين أو الكنعانيين الشرقيين إلى مختلف بلاد الشام وبلاد الرافدين فتغيرت الأبنية العامة من الناحية القومية, السياسية واللغوية وبإضافة هؤلاء الساميين الغربيين إلى الساميين القدامى في بلاد الرافدين فقد طغى على الطابع السومري القديم تحول القومي واللغوي إلى السامية كما هو الحال بالنسبة إلى الطابع السياسي فانتهى من الناحية السياسية السومريين وتفردت الاقوام السامية بالحكم منذ نهاية سلالة اور الثالثة إلى سقوط الدولة الكلدانية على يد الفرس الأخمينيين 539ق.م. - الجانب الثقافي خلال العصر البابلي القديم: شهد هذا العصر ظهور حركة واسعة في التدوين, التأليف, النقل والترجمة في مقدمتها تدوين المعارف والعلوم التي بدأت بطور نضجها . - الجانب العماري خلال العصر البابلي القديم: أهم مواقع حوض حمرين هي تل سليمة, تل حلاوة, تل السيبI, تل حداد, تل يلخي, تل الزاوية, تل العبابرة. لم تختلف مخططات البيوت السكنية عن سابقاتها قد شيدت هذه البيوت على جدران البيوت الاقدم فتحولت الجدران القديمة إلى اسس للجدران الجديدة قوامه فناء وسطي كموزع للغرف وايضاً اصبح مخطط للمعابد والتي انتقلت بشكل نهائي بعيداً عن طراز معابد عصر فجر السلالات قوامها غرفة طويلة ذات مدخل جانبي كمعبد شوسين من تل اسمر الذي يعود إلى عصر سلالة اور الثالثة الا أن هذا المعبد بقي منفرد بطرازه حتى سلالة ايسن ولارسا فانتشر بشكل واضح واصبح طرازاً ثابتاً لمعابد بلاد الرافدين في القسم الوسطي والجنوبي حتى نهاية العصر الكلدي. - الجانب السياسي خلال العصر البابلي الوسيط: الجانب السياسي في العصر البابلي الوسيط نشاء فراغ سياسي ساعد على هجوم الحثيين المرابطين في آسيا الصغرى على العاصمة بابل في فترة حكم اخر ملك لسلالة بابل الأولى سمسو- ديتانا ولم يبقى الحثيين بل رجعوا إلى اماكن استقرارهم بالشمال خارج حدود بلاد الرافدين ونتيجة ذلك تعرضت البلاد إلى غزو الكاشي 1595-1157ق.م هم من الاقوام الجبلية التي ستوطنت اواسط جبال زاكروس بشمال بلاد الرافدين ثم وصلوا إلى مدينة بابل واسسوا فيها سلالتهم الحاكمة عرفت بسلالة بابل الثالثة حكمت مايقارب اربعة قرون و36ملكاً حكم خلال هذه الفترة. كان الكشيين اقلية حاكمة بالموازنة مع الغالبية من سكان بلاد الرافدين وطغت عليهم حضارتهم فاندمجوا بها واتخذوا لغة البلاد وثقافتها العامة ولم يخلفوا لنا أي مدونات بلغتهم سوى بعض أسماء ملوكهم وعدد من آلهتهم واسماي اعلام ومفردات كشية قليلة مترجمة للغة البابلية. اتخذ ملوك هذه السلالة مدينة بابل عاصمة لحكمهم وسرعان مااسسوا عاصمة جديدة عرفت بـــــ دور- كوريكالزو ومن ابرز ملوك هذه السلالة هو بورنابورياش الثاني وتميز حكمه بنضوج العلاقات الكيشية- المصرية خاصة في فترة حكم امنفوفس الرابع فرعون مصر وخلال ذلك تعاظمت قوة الآشوريين بالشمال وخطر العيلاميين المتزايد بالجنوب فكان مؤشر لسقوط الكشيين على يد العيلاميين فنهبوا منها كنوز المعابد والتماثيل منها مسلة حمورابي, مسلة النصر (نرام- سين) وتمثال الاله مردوخ وايضاً خربوا معالمها الحضارية وترك العيلاميين في مدينة بابل بعد انسحابهم منها حامية صغيرة انتهز زعماء ايسن هذه الفرصة فاعادوا للبلاد استقلالها واسسو سلالة عرفت بسلالة ايسن الثانية (سلالة بابل الرابعة) حكم فيها 11 ملك اشهرهم هو الملك نبوخذ نصر الأول الذي حقق انجازات سياسية وعسكرية فضلا عن خوضه حروب ومنازعات مع العيلاميين وسكان الجبال الشرقية وتميزت الفترة التي تلت حكم هذا الملك بتعرض هذه السلالة إلى تحديات قوية منها انتعاش الآشوريين من حيث كونهم قوة مؤثرة في القسم الشمالي من بلاد الرافدين من جهة وتزايد هجرات القبائل الآرامية من جهة اخرى ووصولها إلى مدينة بابل بل أنها استطاعت انتزاع الحكم من هذه السلالة وقد اعتلى عرش مدينة بابل الملك الآرامي ادد- ابال- ادن ولانعلم كيف انتهى حكم هذه السلالة ربما بسبب ضغط القبائل الارامية وقامت بعدها عدة سلالات حاكمة ولايعرف عنها الكثير سوى تسلسلها بالنسبة إلى السلالات الاخرى واسماء ملوكها بحسب ماجاء باثبات الملوك البابلية . - الجانب الفني خلال العصر البابلي الوسيط: لم تزودتنا التنقيبات بمعلومات تساعد في اعطاء صورة كاملة عن النحت المجسم في هذا العصر وقد كشفت لنا تنقيبات مدينة دور كوريكالزو عن كسر منحوتة من حجر الديورايت عليها كتابة مسمارية خاصة ببقايا تمثال للملك دور كوريكالزو الأول بهيئة الجلوس فضلا عن الاعتماد على القطع الصغيرة من المجسمات الفخارية الملونة التي ساعدتنا في تكوين فكرة عن هذا الفن وايضاً عثر على قطعة فخارية لرأس رجل وقد نفذ وجه الرجل بالاسلوب الواقعي ولون باللون الاحمر وبينما استعمل للشعر اللون الاسود وكذلك هناك قطعة فخارية اخرى للبوة عملت بطريقة دقيقة تمكن الفنان فيها من اظهار الملامح الرئيسية المتمثلة بانجاز العيون, مقدمة الوجه, الشعر وتفاصيل جسم اللبوة, إما النحت البارز فقد ظهر هذا النحت على الآجر المصنوع بالقالب واستعمل في قرائن معمارية بحتة وايضاً عثر على واجهات من الآجر في مدينة اور, نفر, دور كوريكالزو وسوسه منها واجهة معبد اينانا الذي شيده الملك الكشي كرانداش في مدينة الوركاء إذ يتكرر موضوع الالة والالهة باستمرار في اسفل جدار الواجهة ويوجد فاصل من الآجر بين كل اله والالهة مما جعل كلا منهما داخل تجويف ضمن جدار الواجهة ومسك بيد كل منهما امام الصدر اناء يتدفق منه الماء الذي سال بشكل جداول جارية نفذت بشكل خطوط بارزة ومتعرجة على فواصل الواجهة والاله هو اله الجبل إذ يرتدي ثوباً مزيناً بهيئة الحراشف يمثل رمز الجبل عند سكان بلاد الرافدين ويؤطر هذه الواجهة من الاعلى والاسفل آجر مقولب الذي يتكون من دوائر بارزة بهيئة الاقراص ويدل ذلك على سعة استعمال هذه الواجهات في ذلك الوقت, شاع في هذا العصر استعمال النحت البارز المنفذ على الاحجار والمعروفة باسم كدورو وظيفتها تحديد ملكية الاشخاص, مساحة الأرض وحدودها واسم واهبها وكانت تودع في الاماكن المقدسة والمعابد إلى درجة كبيرة رغم أن اصولها الاولى تعود إلى الالف الثالث قبل الميلاد وذلك استناد إلى الكدورو الصغير من مدينة لارسا يمثل حجرة بيضية الشكل منبسطة الوجهين تقريباً ذات نهاية افقية من الاسفل وخصص غالباً القسم الاعلى المنحني لصور الالهة ورموزها وهذه الاحجار تضم نصوصاً مسمارية تشير إلى الهبة أو نص براءة يخص المالك ويعتبر كل من يغير نص البراءة معتدي على الالهة المنحوتة على الحجرة ثم تطور النحت على الاحجار في نهاية هذا العصر وقد احتوت الحجرة على مواضيع مختلفة منها احجار تعود إلى الملك ميلي شباك وهو يقتاد ابنته ليقدمها إلى الالهة التي ترتدي تاج ينتهي من الاعلى بصف واحد من الريش وتجلس على عرش اقيم على قاعدة بارجل تشبه ارجل الاسد وتحيي الملك بيديها الاثنتين ويفصل بين الملك والالهة شمعدان ونرى رموز للالهة سن, شمش وعشتار وهي الهلال, قرص الشمس والنجمة على التوالي في اعلى المشهد ومقسمة بعض هذه الاحجار إلى حقول افقية تضم شخوصاً للالهة ورموزها منها احجار لمليشيخو الثاني في سوسا وايضاً من احجار الحدود الكدورو التي تعود إلى الملك سلالة ايسن الثانية مردوخ- نادن- اخي إذ يظهر هذا الملك وهو سائر باتجاه اليمين تحت رموز الالهة يحمل قوس بيده اليسرى وسهم في يده اليمنى ويرتدي بدلة طويلة مزينة بزخارف دقيقة ويتمنطق بحزام عريض ويلبس على صدره شريطين متقاطعين وبينما ينتهي لباس الرأس التاج الاسطواني من الاعلى بصف من الريش ويتوسطه من الاعلى نابض بثلاث اوراق وقد اصبح لباس الرأس الذي يحتوي على الريش من مميزات البسة الرأس في هذا العصر, واستعمل في تيجان المخلوقات المركبة الحارسة التي وجدت منذ فترة الملك تجلاتبليزر الثالث في العصر الاشوري, وقد استفاد نحات احجار الكدورو من قمة الحجرة في تنفيذ بعض المواضيع الدينية الرمزية منها حجرة حدود الملك مردوك شابك زيري من بلدروز بديالى ونحتت بأفعى رابض كانه متوثب للانطلاق والحركة ويعتبر من الانجازات الفنية الناجحة لهذا الثعبان في هذا النحت . الجانب العماري امتاز هذا العصر بظواهر عمارية جديدة كانت تعتمد على استخدامات الاشكال المعمارية القديمة التي تعود إلى العصر البابلي القديم, وقد ظهرت في بلاد الرافدين خلال هذا العصر سلالات حاكمة غريبة منها حكام مملكة ارابخا الميتانية قرب كركوك واتسعت سلطتها لتبسط على كل الاراضي الشمالية التي سميت ببلاد اشور, وظهرت ايضاً سلالة كشية حاكمة بالجنوب في بادئ الامر حكمت مدينة بابل ثم اقامت لها عاصمة خاصة بها في مدينة دور كوريكالزو. القصور منها قصر الملك الكشي في مدينة دور كوريكالزو الذي يشبه قصر الملك زمريلم في مدينة ماري ويعود إلى العصر البابلي القديم لكن المخطط العام للقصر يختلف لانه يعتمد على اساس جمع وحدات بنائية مستقلة ومتسلسلة حول ساحة وسطية تمثل الفناء أي يتألف من وحدة بنائية مسقوفة لافناء في وسطها انما سلسلة من الغرف يتم الدخول اليها عبر بعضها البعض وتترك في وسط كل وحدة قاعة وسطية طويلة وتنظم الوحدة البنائية إلى جانب اخر حتى تشكل في الوسط فراغاً يتحول إلى ساحة ربما لم يتمكن المنقبين من اكتشاف مدخل القصر لا انه يعتقد بوجوده بالجهة المقابلة للزقورة والمتبقي من القصر لايكفي لاعطاء صورة كاملة عنه وربما يتكون القصر من عدة اجنحة متلاصقة لكل منها ساحة وسطية كبيرة تناسب الوظيفة المخصصة للجناح وتتجاوز ساحة القصر بضعة مئات من الامتار بكل ضلع من اضلاعها, يمثل الجزء المتبقي من الزاوية الشمالية أهم ماعثر عليه في هذا القصر حيث الممرات المسقوفة الطويلة وتحمل هذه السقوف ركائز مربعة وتحيط هذه الممرات بالساحة, بقايا غرف الساحة تشير إلى وجود قاعات طويلة وعريضة يبلغ طول المتبقي منها 40م ممايشير إلى كونها قاعات استقبال وربما كانت أحداها تمثل قاعة العرش, ويؤكد ذلك الممرات المسقوفة ومداخل القاعات المزدانة برسوم الاشخاص المتتالية التي تبدو وكأنها تقدم التحية أو الفروض الطاعة لشخص في الداخل, بينما عثر في الزاوية الشرقية على ممرات ثلاثة طويلة متوازية تخترق أرضها قنوات مياه وعلى جانبي الممر تترتب كوى مرتفعة عن الأرض ذات سقوف معقودة وأيضاً الممرات نفسها كانت معقودة السقف يرجح أنها كانت لخزن الرقم الطينية بجو رطب خاص مكيف لهذا الغرض. إما المعابد هذا العصر فمنها معبد الالهة اينانا الذي بناه الملك الكشي كاراينداش في مدينة الوركاء الذي يتألف من قاعة وسطية طولية وقد صفت قاعة طولية على طول كل ضلع من اضلاع هذه الساحة أو غرفتان متتاليتان وهذه الممرات أو القاعات تنفتح بابواب متقابلة وجانبية على القاعة الوسطية الرئيسية وايضاً تمتاز بوجود مداخل اساسية لها تنفتح على غرفة مجازية عرضية تقع مباشرة امام القاعة الوسطية وتنفتح عليه وعلى مدخل المعبد الرئيسي وأهم مايمتاز به هذا المعبد فضلا عن المخطط هو أن زواياه الاربعة اعطيت لها اهمية عمارية خاصة والتأكيد عليها بابراج مضاعفة إذ يمكن لمن يواجه احد الاضلاع الاربعة للمعبد من رؤية واجهة الضلع الكاملة كأنها خسفة جدارية واسعة بين حافتين متدرجتين إلى الداخل وايضاً يتميز هذه المعبد بكون هذه الواجهات مزينة بطلعات والدخلات الثانوية عناصرها من الآجر تمثل شخوصاً الهية تقف في الدخلة الجدارية على التناوب تمثل اله الجبال ثم الهة الينابيع وهكذا وفي يد كل منهما اناء الماء الفوار (رمز الينابيع) تجري فيه المياه الفائرة وتسيل بخطوط منكسرة باتجاه الطلعات الجدارية ثم إلى اسفل بخطوط ثنائية ولعلها تمثل نهر دجلة والفرات. بينما شيدت زقورة عقرقوف من اللبن وبارتفاع خمس طبقات تغلفها من الخارج طبقة من الآجر وتبلغ مساحة قاعدة هذه الزقورة نحو 67,60×69م ولها سلالم جانبية تبدأ مع نهاية الضلع الجانبية وتدور بزاوية قائمة حول بدن الزقورة لترتقي إلى السلم الجانبي إما السلم الوسطي فيلتقي بالسلم الجانبي في مركز الضلع وشيد بدن الزقورة من عدة طبقات من اللبن تترك بينها على ارتفاعات معينة طبقات من البردي والحصير وحبال البردي المضفورة لتسليح البناء وتقويته فضلا عن ضمان استقرار كتلته وشيدت مصطبة من اللبن تبلغ مساحتها نحو 35×35م امام سلم الزقورة الوسطي تحيط بها عدة ساحات لمعبد لم يكتشف بعد كله وتتصل هذه الساحات بعضها ببعض وتحيط مجموعة من الغرف المستطيلة بكل ساحة. إما فيما يتعلق بالبيوت فلم تختلف عن بيوت العصر البابلي القديم التي تعتمد مبدأ الساحة الوسطية والمدخل الذي يربط هذه الساحة عبر غرفة مجاز واحدة أو عدة غرف متسلسلة والبيوت غير نظامية التخطيط لانها تكون محكومة بابعاد وشكل قطعة الارض المشيد عليها البناء في بعض الاحيان وتكون البيوت المتجاورة ملتصقة ببعضها البعض بطريقة غير متكلفة وعشوائية قليلاً وتصبح الازقة التي تربط الاحياء ببعضها البعض ملتوية, متشابكة ومتغيرة المستويات الارضية ويتغير اتساعها بحسب المباني التي تحددها . - الجانب السياسي خلال العصر البابلي الحديث: الجانب السياسي خلال العصر البابلي الحديث بقيت مدينة بابل خاضعة للآشوريين حتى استطاع الملك نابو بلاصر الكلداني التحالف مع الميديين سكان القسم الشمالي من بلاد الفارس الذين اقاموا مع احدى القبائل الارمية هي قبيلة كلدو بحملة مشتركة انهت الامبراطورية الآشورية بنحو 612ق.م. أسس نابو بلاصر الدولة الكلدية (سلالة بابل الحادية عشر) ويعرف عهدها بالعصر البابلي الحديث 626-539ق.م, ومن اشهر ملوكها هو الملك نبوخذ نصر الثاني الذي حكم مايقارب 43سنة واقام خلال هذه الفترة بتعمير مدينة بابل وبنى قصور فخمة له, وايضاً جهز حملات عسكرية كثيرة لإخضاع الدول المجاورة لتوسيع الامبراطورية ومد نفوذها, ومن أهم اعمال هذا الملك هو محاصرته لمملكة يهوذا في فلسطين وقضاؤه عليها بحملته العسكرية المعروفة الاسر البابلي الأول 597ق.م والثاني 586ق.م وفتح خلال هذه الحملة اورشليم عاصمة مملكة يهوذا ونقل الغنائم والاسرى اليهود إلى مدينة بابل. جاء بعد الملك نبوخذ نصر ثلاثة ملوك قليلي الشأن كان حكمهم ضعيف فجاء مباشرة بعد الملك نبوخذ نصر ابنه اميل- مردوخ الذي قتل في انقلاب داخلي بعد عامين من حكمه ثم تولى الحكم نركال- شار- اوصر صهر الملك نبوخذ نصر واعقبه ابنه لباشي- مردوخ والذي لم يحكم سوى بضعة اشهر وكان الملك نبو نائيد اخر من اعتلى حكم هذه السلالة الذي واجه مشاكل دينية واقتصادية بسبب تركيزه على عبادة اله سين والذي يكون ناشئاً من اسباب عائلية وقومية لاسيما أن هذا الملك من أصل آرامي. كانت عبادة الإله سين من العبادة المفضلة لدى الاقوام الجزيرية بخلاف عبادة الاله مردوخ اله مدينة بابل, فضلا عن ان افراد عائلته كانوا من كهنة اله سين في مدينة حران, وغيابه عن المملكة كان له نتائج سلبية على الوضع الإداري والاقتصادي الذي أدى إلى تذمر سكان المدن الكبرى كمدينة بابل وبورسبا ونفر, حاول الملك نبونائيد معالجة هذه الازمة الاقتصادية بالحصول على موارد جديدة من الطرق التجارية بشمال الجزيرة العربية فاستولى على واحة تيماء بشمال غرب شبه الجزيرة العربية التي كانت ملتقى الطرق التجارية واتخذها مركزاً له طوال عشر سنوات تاركاً في مدينة بابل ولده الذي لم يستطع ادارة البلاد, وثم استطاع الملك كورش الثاني الاخميني أن يوحد بلاد فارس ومد نفوذه وسلطانه إلى مدينة بابل, والذي تمكن من احتلالها عام 539ق.م وباحتلاله هذه المدينة سقطت اخر حكومة وطنية في بلاد الرافدين لتبتدأ مرحلة احتلال اجنبي طويلة الامد . الجانب العماري امتاز هذا العصر بالعمارة الفخمة في جنوب بلاد الرافدين التي لايمكن مقارنتها الا بمدينة اور السومرية في العصر السومري الحديث أو مدينة خورساباد في العصر الآشوري الحديث. اعاد الملك نبوبولاصر ومن بعده ابنه نبوخذنصر تخطيط مدينة بابل مع التركيز على القصور الملكية وتقليد القصور الاشورية برفعها على شرفات ومصاطب عالية مع تجاوز عزلتها عن بقية المدينة بواسطة ربطها بشارع رئيس الذي يعرف بشارع الموكب يمر وسط كل مدينة من جهة ومن جهة اخرى التركيز على المعابد خاصة برج بابل الشهير ومعبد ايساكيلا. تبين لنا النصوص أن مدينة بابل كانت تضم 53 معبداً رئيسياً و360 صومعة ثانوية مع مزارات كثيرة التي لايمكن أن نقبلها معمارياً مالم يكن بكل بيت مزار أو مذبح, من أهم المباني في مدينة بابل مايعرف بالقصر الجنوبي الذي بناه الملك نبوخذنصر على بناء والده نبولاصر وبمساحة 52,000م2 على مصطبة عالية بعدما قام ببناء جدران القصر على الأرض ثم دفنها على ارتفاع 6-7م وعالج الجدران السفلية بالزفت وذلك لعزل المياه الجوفيه, وبعدها صعد بالجدران إلى ارتفاع 12-15م فكانت اسافل الجدران المدفونة اساساً للقصر تحت مستوى المصطبة أي بمعنى أن القصر لم يشيد فوقها وإنما معها وهو اسلوب جديد لم يعرف سابقاً ومستوى القصر كان بمستوى شارع الموكب ومعبد نينماخ الذي يقابل القصر شرق الشارع وقبل مروره داخل بوابة عشتار, ويتألف القصر من خمس ساحات متتالية تمثل الساحة الثالثة الساحة الوسطى الكبرى والتي يبلغ طول ضلعها حوالي 60م وتلتصق قاعة العرش الكبرى بضلعها الجنوبي وتبلغ مساحته نحو 55×35م2 وزينت واجهة قاعة العرش بالآجر المزجج المرسوم عليه فوق خط من الاسود المزمجرة الرافعة لذيولها بتحد وجبروت مجاميع من اشجار الحياة الطويلة والنحيفة نسبياً, له مداخل ثلاثة تنفتح على الساحة ويعتبر المدخل الوسطي الكبير المدخل البروتوكولي الرئيسي الذي يقابل منصة كرسي العرش إما المدخلان الجانبيان فقد خصص كل منهما للحاشية أو الخروج وهي بالوان الازرق الشذري والاخضر والاصفر محاطة باطار ابيض وكلها مزججة ويبلغ ارتفاعها نحو 12,40م, وللقصر اكثر من 172 غرفة وعدة بيوت سكنية للحاشية وخدم القصر وجناح الملكة يطل غرباً على نهر الفرات ويعزله عن النهر بناء كبير غريب طوله يبلغ نحو250م وجدرانه بثحن 25م ويوجد في داخله ساحة وسطية مستطيلة تضم بقايا غرف كثيرة ويرجح أنه يمثل جنائن معلقة في مدينة بابل ان وجد فعلاً وذلك بسبب ضخامته ذو جبهة متدرجة على النهر بثلاث درجات مما يتيح انشاء حديقة مدرجة على النهر. توجد بناية تكون بمستوى سرداب القصر لصق بوابة عشتار داخل الزاوية الشمالية الشرقية من القصر ثبت أنها مخازن القصر تتألف من نواة قوامها خطان من الغرف المصفوفة على جانبي ممر طويل وتنفتح عليه ويحيط ممر حلقي بها من جميع الجهات الاربعة ويفصله عن القشرة التي تنفتح على الممر الحلقي ثلاثة اضلاع لتشكل غرف خزن اضافية, تم تحصين القصر من الخارج بعدة جدران ساندة تحيط بالجدار الرئيسي بعرض لايقل عن 10م وتوجد عدة خطوط من الاسوار الداخلية التي تمتد من جهة النهر لتلتقي تقريباً ببوابة عشتار التي تفصل هذا القصر عن القصر المركزي الذي يقع شمالاً, البوابة مشيدة بالاصل على مستوى ارضي منخفض عن مستوى القصر وشارع الموكب إلى ارتفاع 14,30م فوق مستوى الشارع ولقد مرت البوابة بثلاث مراحل بنائية واخرها كان البناء الذي غلفت جدرانه بالآجر المزجج الذي زين بحيوانات اسطورية تسمى المشخشو وثيران السماء الملونة وتتألف البوابة من ساحة امامية مستطيلة تحيط بها جدران عالية بثخن 10م تقريباً وتنفتح على قاعة داخلية وغرفة حراسة مستطيلة عرضها 25م وتكون البوابة بعكس الاسوار مشيدة بالآجر وليس اللبن ويبلغ عدد الحيوانات الناتئة على جدران البوابة بجزئيها المزجج العلوي والاعتيادي غير المزجج نحو 572 حيواناً وازدانت جدران شارع الموكب امام البوابة وخلفها بابراج وطلعات ودخلات مغلفة بالآجر المزجج على صور اسود سائرة لكنها وبعكس الاسود خافضة ذيولها على واجهة قاعة العرش دلالة على الخضوع امام الالهة عشتار والاسد هو حيوان مخصص للالهة عشتار الحربية. من المباني الدينية الرئيسية زقورة بابل شيدها الملك نبوخذنصر والتي يبلغ ارتفاعها نحو 91م تقريباً ومساحة قاعدتها نحو 91×91م2 تقريباً ووصفتها الرقم المدونة البابلية من حيث طبقاتها, ابعادها وقياساتها ووصفها ايضاً هيرودوت ويفترض انها تتألف من سبع طبقات تعلوها غرفة الاله ويتم الارتقاء إلى الزقورة من خلال ثلاث سلالم متعامدة اثنان منها لصق ضلعها الجنوبي والثالث عمودي عليها وقد شيدت من اللبن واحاطة بجدار من الآجر بثخن 50م ويتم الدخول إلى الصحن المحيط بالزقورة بواسطة اربع مداخل توجد في ضلعه الجنوبي تشبه بمخططاتها الساحة الامامية المسورة امام بوابة عشتار لكن هذه المرة لم تكن منفردة ويوجد بناء وسطي بين بوابة واخرى له فناء داخلي تحيطه عدة غرف ويحيط سور بالزقورة يعزله صحن عن المدينة وايضاً يعزله النهر وقناة شمالية في ضلعيه الغربية والشمالية وكذلك يعزله شارع الموكب شرقاً وجنوباً عن البيوت السكنية وعن معبد الاله مردوخ. إما المعابد منها معبد ايساكيلا الذي كرس لعبادة الاله مردوخ ويتألف من ثلاثة اجزاء منها ساحة وتتصل فيما بينها عبر بوابات داخلية وعثر في الساحة الجنوبية على ثلاث مداخل خارجية ومدخل المابين الشرقي والذي يربطها بالساحات الاخرى, تنحصر الساحة بين مجاميع من الغرف تحيط بها الا أن الدخول إلى الساحة لا يتم لاعبر محاور منكسرة عدة تمر بغرفة أو غرفتين قبل الولوج إلى الساحة المقابلة لضلع الجدار, قد صممت الابواب الخارجية أو الداخلية التي تطل على الفناء في وسط الضلع موقعياً وتقع صومعة الاله مردوخ قبالة الباب الشرقي الداخلي الذي يربطها بالساحة الشرقية والتي لم تنقب بعد بينما تتكون الصومعة المزدوجة من غرفة المابين تليها غرفة المقدسة التي تنفتح عليها غرف صغيرة من الجانبين والتي كانت تستعمل لخزن اثاث الخاص بالاله مردوخ إما جدران الساحة فازدانت بالطلعات والدخلات المعقدة التركيب وتشبه تماماً زينة الجدران الخارجية . حضــــــارة بـلاد الرافـديـن خـــلال العصـــــور الآشـــــوريــة (العصر الآشوري القديم والوسيط والحديث) 1- الجانب السياسي خلال العصر الآشوري القديم: يبدأ العصر الآشوري القديم منذ دخول الآشوريين إلى بلاد الرافدين قبل بداية الالف الثاني قبل الميلاد, ولم يكن لهم تكوينات سياسية بعد واستمرت حتى القرن الخامس عشر قبل الميلاد أي حتى نهاية حكم سلالة بابل الأولى, وكانوا خاضعين في هذه الفترة للسلالات الحاكمة سومرية وأكدية في جنوب بلاد الرافدين, وقد استقلوا بسلالة منفصلة بعد الاحتلال الكوتي لكنهم خضعوا لسلالة اور الثالثة ولم يستمر ذلك طويلاً فاستقلت مرة ثانية مدينة اشور وكان ذلك في بداية العصر البابلي القديم لغياب السلطة المركزية عن البلاد. ابرز ملوك هذا العصر هو الملك شمشي ادد الأول 1814-1782ق.م واتخذ من مدينة اشور عاصمة لحكمه ومد نفوذه وسلطانه إلى وسط بلاد الرافدين وصادف استلام الملك زمري- لم الحكم على مدينة ماري وظهور الملك حمورابي في مدينة بابل من حيث كونه ملكاً قوياً والذي قضى على استقلال اشور بعد توحيد بلاد الرافدين. - الجانب الفني خلال العصر الآشوري القديم: تكاد تكون معلوماتنا عن الجانب الفني خلال الفترة الأولى من النحت الآشوري القديم معدومة بسبب انطواء السيادة الآشوريين ضمن القوى العسكرية والحضارية التابعة لزعامة الدول المتعاقبة التي حكمت جنوب بلاد الرافدين. لم نحصل على نماذج نحتية تعود إلى فترة الملك ايلوشوما العاهل الآشوري الذي حكم عام 1820 ق.م سواء في مدينة آشور أو المستعمرة الآشورية التجارية في الأناضول تساعدنا على تشخيص مظاهر آشورية فنية ذات صفة مميزة, وأيضاً الأختام الاسطوانية لم تعطينا أي إشارة إلى مثل هذا الاتجاه. أصبحت مدينة آشور عند سقوط سلالة ايلوشوما تحت زعامة الملك شمشي- ادد الأول 1814-1782ق.م وفي بادئ الأمر تنافس على زعامة المنطقة مع حمورابي حيث تمكن شمشي- ادد ولفترة من السيطرة على مدينة ماري إذ نصب ابنه يسمح- ادد حاكماً عليها ولكن الملك حمورابي تمكن بعد فترة قصيرة من ضم جميع البلدان بما في ذلك بلاد آشور إلى دولته الكبيرة. اتصف فن النحت في هذا العصر بقواعد أساسية مشتركة فلايمكن أن يختلف فن النحت في مدينة آشور في أساليبه كثيراً عن فن النحت في مدينة ماري واشنونا وبابل, وأن اختلف قليلاً فربما يعود لخصوصيات مفضلة في أي مدينة من تلك المدن أو المناطق وعمل النحاتون كثيرون قبل تسلم الملك حمورابي السلطة في مناطق مختلفة من بلاد الرافدين ولكن ظهر الأسلوب المميز لهذا العصر في زمن الملك حمورابي وربما في النصف الثاني من فترة حكمه. من نماذج النحت التي تعود إلى هذا العصر كسرة مسلة تمثل انتصارات هذا العاهل على اعدائه فقد صور الملك شمشي- ادد بنحت بارز ويطأ برجله احد الأعداء مسددا له ضربة اخيرة ويرتدي الملك ايضاً شمشي- ادد الأول في هذه المسلة ثياب العمل والحروب المفتوحة من الامام لكي تساعد على الحركة وهي بحاشية مميزة على غرار مانشاهده في الرسوم الجدارية من المجموعة الثانية في قصر ماري تعود إلى هذا العصر, ووصل الينا أيضاً تمثال فريد بملامحه فاقد الرأس عليه كتابة مسمارية تعود إلى هذا العصر وتمثال قدم كقربان للإله شمش في مدينة ماري, ولعله يشير إلى اله الجبل ونحت هذا التمثال بهيئة شخص يمسك بيده أمام صدره العاري ويتمنطق بحزام عريض ذي فتحة من الوسط وزين القسم الأسفل من التمثال بنموذج مكرر من حراشف السمك وهي زخرفة ترمز للجبل والمناطق الوعرة بمصطلح النحت العراقي القديم. طريقة بناء الموضوع في اللوحتين أعلاه هي واحدة ففي كليهما يتوسط اله رئيس ويكون بحجم اكبر من غيره لشخوص أو هيئات ادمية أو حيوانية, وتعرض كلتا اللوحتين الشخوص والأشكال الأخرى وهم يواجهون المشاهد فضلا عن طريقة التجسيم التي أكد عليها النحات ونفذها بأسلوب المزج بين النحت البارز والمجسم وتمثل نفس الطريقة التي سلكها نحات حمورابي في المسلة المشهورة . - الجانب السياسي خلال العصر الآشوري الوسيط: العصر الآشوري الوسيط يبدأ من نهاية سلالة بابل الأولى في القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى نهاية القرن العاشر قبل الميلاد, ويعد هذا العصر عصر صراع سياسي في منطقة الشرق الادنى القديم بين المصريين والحيثين والميتانيين. استطاع الميتانيون فرض سيطرتهم آنذاك على العاصمة الآشورية وكان كل من حكم مدينة آشور خاضع رسمياً إلى الدولة الميتانية وسرعان مادخل الميتانيون في صراعات مع القوى الأخرى كالحيثيون أدت إلى تغير وضع بلاد آشور, ولكن بعد أن تسلم الحكم في مدينة آشور الملك آشور ابلط الملك القوي حدث تغيير في الوضع السياسي وهو قضاء هذا الملك على الميتانيين وصد الحيثيين فضلاعن قيامه بالكثير من الأعمال العسكرية والادارية والسياسية منها محاورته مع المصريين ومحاولة التقرب إليهم, مماأدى إلى جعل مدينة آشور نواة لأقوى إمبراطورية في تاريخ بلاد الرافدين ثم سار على نهجه الحكام الآشوريون الذين جاءوا بعد آشور ابلط في تثبيت الحكم الآشوري ومحاربة القوى المعادية. اتسعت الإمبراطورية فترة حكم الملك الآشوري شلمنصر الأول شرقاً وغرباً لكثرة فتوحاته, كما أسس عاصمته الجديدة كالح (النمرود) بدلاً من مدينة آشور, وذلك للضرورة السياسية والعسكرية. حكم بعد الملك شلمنصر الأول الملك توكولتي ننورتا الذي هزم الكشيين وفتح مدينة بابل وسيطر على البلاد, لكن توفي هذا الملك أثر فتنه حدثت في مدينة آشور أدت إلى ظهور بوادر الضعف والتدهور, فضلا عن ظهور قبائل الآرامية التي بدأت تضغط على مدينة آشور بشكل مباشر وظلت تلك الظروف سائدة في مدينة آشور إلى أن جاء الملك الآشوري تجلات بلاصر الأول وقد تميز هذا الملك بقوته وشجاعته وقد تمكن من السيطرة على الدولة وأيضاً تمكن من إخضاع اغلب الأقاليم المجاورة لحكمه وخلفه عدة ملوك ضعفاء في الحكم وقد تدهورت أوضاع الإمبراطورية في عهدهم ولاسيما بعد تحرك القبائل الآرامية باتجاه الشرق واستقرارها على حدود الإمبراطورية الآشورية الغربية حيث كونت دويلات آرامية متفرقة هناك واستمر الحال هكذا إلى أن وصل ملوك أقوياء الحكم ثم بدأت مرحلة جديدة عرفت بالعصر الآشوري الحديث . - حضارة بلاد الرافدين خلال العصر الآشوري الحديث: تميز هذا العصر بتدفق الأقوام الحورية على شمال وشمال شرق بلاد الرافدين كان ذلك في الثلث الثاني من الالف الثاني قبل الميلاد, ومنذ ذلك الوقت سيطرت المضامين الفنية الحورية- الميتانية على الأساليب الآشورية في النحت وقد لوحظ بدء ظهور تأثير الحوريين على الدولة الآشورية في فترة حكم الملك الآشوري آشور نراري الأول وكانت مدينة آشور قبل حكم هذا الملك خاضعة لسيطرة الملك حمورابي وسلالته. وصلتنا بعض اللقى الصغيرة عن أصول الفن الآشوري لفترة القرن الرابع عشر قبل الميلاد والتي كشف عنها في قبور مدينة آشور منها أدوات زينة من العاج نقشت بمواضيع تضم نساء وأشجارا وحيوانات وطيور نفذت بطريقة التحزيز وتظهر بلاشك الحس الفني الواقعي للنحات الآشوري في هذا العصر, وعثر أيضاً في مدينة آشور على بعض القطع العاجية الصغيرة بهيئة وحدات مسطحة محززة استعملت في التطعيم العصر الآشوري الحديث, وكذلك عثر على جرار رخامية صغيرة في قبور مدينة آشور وهي مزينة من الخارج بنحوت آشورية بارزة أو محززة واحدى تلك الجرار ترينا شجرة الحياة الآشورية تتوسط ثورين واثبين على جسم الجرة وترينا الجرة الثانية هيئة الالهة عشتار بشكل امرأة مجنحة نصفها الأسفل عار وتذكرنا اشكال هذه الجرار بجرار العطور الصغيرة المكتشفة في تل العمارنة بمصر من زمن اخناتون من القرن الرابع عشر قبل الميلاد. عثر على دكتان من الحجر للعبادة في مدينة آشور كل منهما منحوتة بنحت بارز تصور الأولى الملك توكولي- ننورتا الأول في وضعيتين للعبادة واقفا وراكعا امام نصب يرمز إلى الإله نسكو اله النور بينما نحت على الدكة الثانية الملك نفسه واقفا بين بطلين أسطوريين يمسك كل منهما بعمود ينتهي براية دائرية. ظهر في هذين النحتين البارزين أسلوب النحت الآشوري المميز بطريقة نحت الشعر بشكل تطغى عليه دوائر حلزونية تظهر لنا الألبسة الآشورية وفصالها وطريقة نحت الأشخاص سواء بالوضعية الأمامية أو الجانبية. عثر كذلك على المسلة البيضاء في تل قوينجق بمدينة نينوى في منتصف القرن الماضي وهي عبارة عن كتلة مستطيلة من حجر الكلس يبلغ ارتفاعها 2,90م وهي متدرجة عند القمة ونفذت مواضيع هذه القطعة بشكل حقول متعاقبة بالنحت البارز تدور حول جسم المسلة فهي تشكل أثمن الدراسات في مضمار الفن للعصر الآشوري الوسيط رغم أن النحات لم يكترث بانجاز هندامها بشكل من الإتقان واختلف الباحثون في موضوع الفترة التي تعود اليها هذه المسلة فالنص الكتابي عليها يذكر اسم الملك الآشوري آشور ناصر بال لكن لم يعرف إذ كان الملك آشور ناصربال الأول ام الثاني وأن تفاصيل المواضيع وشكل الألبسة والعربات والأناس والأشجار والحيوانات وسائر الأطروحات الأخرى فيها كطريقة الانجاز وترتيب الحوادث المصورة يجعلها بالتأكيد من فترة الملك آشور ناصربال الأول الذي حكم عام1050-1030ق.م وليس الثاني الذي حكم عام884-858ق.م . إما فيما يتعلق بالجانب العماري فقد شيد قصر الملك ادد نراري الأول (1307-1275ق.م) في مدينة آشور الذي بناه على القصر الأكدي القديم لكن المتبقي منه لايكفي لمعرفة كل أجزاء القصر وأن اعطانا صورة واضحة عن أجزاء هذا القصر المهمة, ويتألف القصر من مدخل ذو برجين يؤدي إلى غرفة المجاز والحراسة المتتاليتين ثم ساحة مربعة تؤدي إلى عدة غرف وقاعات أهمها قاعتان متقابلتان بمحاذاة أسفل كل من الضلعين الفناء الشرقي والغربي وامتازت القاعة الغربية بوجود قاعة ثانية خلفها مباشرة اكبر منها تنفتح عليها خمس غرف صغيرة وتذكران هاتين القاعتين المتلاصقتين بقصر بكر آوه وقصر زمريلم في مدينة ماري, وتشير كلها إلى طراز في القصور الملكية ولكن ليس اصغر منها وهما تقعان على ضلع من اضلاع الفناء الرئيسي القريب من المدخل العام ويمتاز المدخل من الفناء إلى القاعة الأولى بأنه أوسع نسبياً من كافة المداخل الأخرى المنفتحة على الساحة ممايدل على أهمية هذه القاعة. المعابد منها معبد عشتار في مدينة آشور يعد من المعابد المهمة وهو معبد مزدوج للالهة عشتار بشخصيتها الآشورية والأكدية, ويتألف المعبد من قاعة طويلة وسطية ويتم الوصول إلى هذه القاعة من خلال مدخل خارجي ثم قاعة كبيرة تلي المدخل مباشرة ومنها وعبر باب بمنتصف الضلع الطويل وعلى خط وهمي يتعامد مع الباب الخارجي ذي الأبراج وتقع في النهاية الغربية من القاعة دكة الالهة عشتار وعلى أرضية مرتفعة يرتقى إليها من خلال عدة درجات مشيدة ابتداء من نقطة تكاد أن تكون بمنتصف القاعة الطولية ويكون المعبد الثاني صغير يتكون من قاعة واحدة تقع على امتداد الضلع الجنوبي للمعبد الكبير والذي تبرز عنه قليلاً لتترك مساحة كافية لمدخل جانبي بنهاية الضلع الشمالي الشرقي وتكون دكة الالهة مرتفعة ويتم الصعود إليها بعدد اقل من الدرجات واتجاه هذه الدكة يكون بعكس المعبد الأول نحو الجنوب وقد اعتمدت جميع المعابد مبدأ عماري واحد وهو أن الصومعة الالهة يجب أن تكون قاعة طولية لها مدخل جانبي يقع في زاوية احد الاضلاع الطويلة وبعيداً عن الضلع الذي يوجد فيه دكة الإله, بينما يطلق على المعابد التي يتم الدخول اليها من خلال مدخل ذو محور منكسر بزاوية قائمة معابد المحور المنكسر. إما الزقورة فتبلغ مساحة قاعدتها الملاصقة لمعبد توكلتي ننورتا في الجانب الغربي نحو 30×30م ممايدل إلى وجود طلعات جدارية تبرز في وسط كل ضلع ويبلغ عرضها نحو 12م بينما يتكون المعبد من بناء مربع تقريباً له مدخلان رئيسيان زينا بالأبراج يؤدي إلى قاعات عرضية على الساحة وطويلة بطول اضلاع الفناء الوسطي كما في القاعة الشمالية أو تزيد عليها ويقابل مدخل القاعة الشرقية في الجانب الغربي مدخل تزينه أبراج اقل قوة من المداخل الخارجية ثم قاعة أمامية عرضية تمثل في الأساس غرفة الصومعة ويوجد قبالة المدخل وفي واجهة هذه القاعة سلالم تؤدي إلى صحن صغير ثم دخلة يبلغ عرضها نحو 3م وعمق نحو 2م ومنها دخلة ثانية بعرض وعمق متساويين 2م/2م تمثل المحراب الذي يوضع فيه تمثال الإله ويوجد المحراب في بدن الزقورة تقريباً في منتصف الضلع الغربي وتمتاز هذه الزقورة بوجود حفرة عميقة عمودية في مركز الكتلة البنائية الصلدة وأصبحت هذه الفتحة كأنها بئر يبدأ من اعلى طبقة من الزقورة وينتهي في القاعة ومساحة مق?