وصف الكتاب:
يستمر هودجسون في تتبع مغامرة الإسلام عبر رصد امتداده في العصور الوسطى، ويبدأ في المجلد الثاني الكلام عن المراحل الوسيطة للتاريخ الإسلاماتي، حيث ظهرت مجموعة من الحكومات المستقلة عن سلطة الخلافة، ويُلقى هودجسون الضوء على هذا النظام الذي تشكَّل من صعود الفاطميين وممالك الطوائف في أسبانيا، وكذلك سيطرة البويهيين الشيعة على بغداد وبناء لاهوت شيعي، وقد دعموا علم الكلام بصورته الأعتزالية والفلسفية، إلى أن تم اخضاع البويهيين على يد السلطة السلجوقية، ومن هنا سيتكلم عن ظهور السلاجقة ونظام الملك الذي يقول عنه هودجسون أنه انتهج سياسة لعبت دورًا في النظام السياسي الجديد أدَّت إلى ظهور طبقتين وهما: طبقة العلماء وطبقة القادة العسكريين ” الأمراء” . يدرس هودجسون السمات التي ساهمت في تشكيل الجزء المميز من النظام الاجتماعي الإسلاماتي في المراحل الوسيطة، فهو يري مثلًا أن انحلال السلطة المركزية أدى إلى واحدة من أهم سمات المرحلة الوسيطة وهي ” العسكرة”، لكن اتساع نطاق الحرية للفرد المسلم أسهم في ظهور ” نظام الأعيان” الذي حمل الثقافة الإسلاماتية إلى أرجاء المعمورة، هذا الانقسام بين أمراء وأعيان أنتج حضارة كوزموبوليتانية كما يرى هودجسون حيث حدث التوازن بين المصالح الزراعية والتجارية في الثقافة الإيرانية السامية ، ثم يحاول تطبيق أثر هذا النظام الاجتماعي الكوزموبوليتاني في الحياة اليومية ويعالج مسائل مثل المسألة الجنسية ، وقد تبدو بعض استنتاجاته مبالغ فيها جدًا عند كلامه عن حالة الكبت الجنسي أو النزوعات المثلية، لكن أهم ما تكلم عنه هنا هو كلامه عن المخاوف والملذات الخاصة . في تلك المرحلة يرصد هودجسون كيف نضجت التقاليد الفكرية ، ويرصد ظهور ما يسمى بالتقليد البطولي إمَّا بالتوجُّه نحو البدو كما في سيرة عنترة، أو بالتوجُّه نحو التقليد الساساني كما ظهر ذلك في كتاب الشاهنامه، ويُلاحظ هودجسون حضور الدين المزدي في بنية الشاهنامه ويُقدِّم استقراءً رائعًا للشاهنامه، ويتكلم عن الأدب الممزوج بالفلسفة عند ابن مسكوية والتوحيدي ويُعظِّم من جهود ابن الهيثم والبيروني وجابر بن حيان، وانتصار علم الكلام وانحساره ويتكلم عن الغزالي وموقفه من الفلسفة، ثم ينطلق في فصل كبير وممتد ليتكلم عن التصوف ونظام الطريقة، لكن يجب ملاحظة أن هودجسون لا يهتم بتقييم صوابية تلك الأفكار، ولا مقارنتها بالمنبع الأول، لكن يكفي هودجسون هنا أنه قرأها كفكر قراءة أقرب للصحة، فبالنسبة إلى التصوف يرى هودجسون أنَّه كان ذا أثر كبير في تلك المرحلة الوسيطة، بشكل عام يُقدِّم هودجسون قراءة للتصوف في العصر الوسيط بوصفه يمثل بنية مركزية في التصور الشعبوي الإسلاماتي= فتجد مثلًا رصدًا للآراء ذات الميول الوحدوية عند السهروردي وابن عربي وجلال الدين الرومي، لكن هودجسون يرى أن ثمة في المرحلة الوسيطة انتصارًا للنزعة السنية الجديدة العابرة للقوميات على جبهة الهند والأناضول والمغرب العربي وكذا تحول قبائل المغول إلى الإسلام، وإن كان يُعطي دورًا كبيرًا للتصوف و الفلسفة في حركة الحضارة الإسلاماتية في العصر الوسيط.