وصف الكتاب:
يعيش الباحث التشكيلي العربي ازدواجا مربكا: فهو من ناحية يعتمد على مادة إبداعية ونقدية عالمية لم تعد تقدس الفن منذ نهاية القرن التاسع عشر، وهو من ناحية أخرى يحيا في محيط يستغرب حتى من إمكانية طرح سؤال: لماذا ينبغي التوقف عن تقديس الفن؟ ألا ينبغي من هذا المنظور العام، بدل الحديث عن الفن الحديث عن 'إرادة الفن'؟ ذلك أن الفن يتمحور حول برتوكول سابق في حين أن إرادة الفن هي ناشئة عن مشروع متمحور حول مستخدميه. ولعل الوسائط الجديدة وضعت شروط إمكان مشروع معاصر يكون رهانه استزراع الكلام في رحم الكتابة. ولأن تحرير الكلام هو تحرير لصوت الجموع فإنه لا يمكن ألا يتقاطع المأمول من المعاصرة مع نهوض الشعبي. في ضوء مثل هذه المقاربة الاستردادية استوقتنا واقعة أن الفلاسفة العرب كانوا يجدون أنفسهم في موضع الحرج الفكري والوجداني كلما تعلق الأمر بتسييد الإرث الفني على الإرث الثقافي. وهو الموقف الذي أصبح من المفيد إعادة استلهامه في ضوء تلك الواقعة الأخرى التي مفادها أنه منذ ستينيات القرن الماضي لم يتخلص 'البوب' في الغرب من المعاني التحقيرية والإنتاقصية التي التصقت بدلالة كل ما هو شعبي إلا بفضل تراجع كل الأبهة الرمزية التي التصقت طويلا بالكلاسيكية بأصنافها. ___________________________________________