وصف الكتاب:
نشأ الخطاب الإسلامي الحديث والمعاصر في ظل أزمة حضارية وتاريخيةعامة لم يسبق أن شهد لها العالم الإسلامي مثيلاً، أزمة لم تكن كسائرالأزمات السابقة التي تعلقت بجانبٍ ما من حضارته من دون أن تمسّه في العمق كما هي الآن، بحيث وصلت إلى درجة التشكيك والاهتزاز لا في تاريخهوماضيه وتراثه، بل شملت حتى هوية الأمة ومرجعيتها الأصلية التي عليهايتوقف وجودها واستمرارها، والتي هي في الأصل لا تقبل بأي حال منالأحوال المساومة أو النقاش، ومما عقّد المشكلة أنها مرتبطة بالآخر بماهو حضارة فتية جديدة علمية فلسفية تكنولوجية، تقنية شاملة لكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، وبما هي حضارة استعمارية مركزية مهيمنة.الأمر الذي جعل من الخطاب العربي الإسلامي المعاصر يواجه معضلاتتاريخية كبرى داخلية وخارجية، فهو من جهة يعمل من أجل النهوض العربي الإسلامي الشامل وتجاوز التأخّر الداخلي التاريخي للعالم الإسلامي الناتج عن عصور الانحطاط والتخلّف ضمن المرجعية الذاتية للأمة، ومن جهةثانية، يصارع مشروع الحداثة الغربية بما هي حضارة متطورة أحادية المرجع ومنافسة، بل ومُقصية لكل الحضارات الأخرى. في خضمّ هذا الصراع الحضاريعلى النهوض من أجل الوجود ستتحدد معالم الخطاب الإسلامي المعاصر،وتتبلور مفاهيمه وقضاياه وأهدافه الكبرى واستراتجياته المصيرية.