وصف الكتاب:
وسط هذا الكم الهائل من التهويل والتضليل الذى يقترن دوما بأى عمل فنى يقترب من حياة الأنبياء، تحاول الكاتبة حنان أبو الضياء خوض تجربة تخلت فيها عن الحذر لتقدم شبه دراسة بين العمل الفنى المقدم ومصادره من القرآن والإنجيل والتوراة، وما تضمنه من إسرائيليات وشطحات فني يأتى ذلك من خلال كتابها "المسكوت عنه فى سينما الأنبياء"، الصادر عن دار إنسان للطباعة والنشر، إذ تطرح ما بين فصوله فصلاً عن نبيا الله إلياس وإدريس عليهما السلام، معللة ذلك بأن هنالك من يربط بينهما، رغم بعد المسافة الزمنية بين النبيين.. إلى جانب أن إلياس نبى من أنبياء بنى إسرائيل، وإدريس أحد أنبياء الصائبة السبع، مؤكدة أن كلا النبيين لم ينالا القدر الكافى من الأعمال الدرامية، فذكرا فقط فى عملين ضعيفا المستوى تكنيكيًا وأداء! وتقول إن إلياس النبى.. هو إلياس بن ياسين، من ولد هارون أخو موسى عليهم السلام، ويعرف فى كتب الإسرائيليين باسم إيليا.. وقد روى فى بعض الكتب المتداولة التى يجب تنقيحها أن الطبرى عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه، قال: إلياس هو إدريس، وتقول حنان أبو الضياء: (هذا ليس حقيقى، لأن كليهما ذكرا باسميهما صراحة فى القرآن، وإلياس من نسل هارون أخو موسى، بينما إدريس عليه السلام فكان رابع الأنبياء، وعاش فى زمن أبينا آدم، إذ أدركه فى آخر 308 سنة من عمر آدم). ويؤكد الكتاب أن فى سينما الأنبياء نحن بين فكى التكفير والتضليل، فبمجرد التفكير فى تقديم عمل درامى عن أحد الأنبياء تشحذ الأقلام، وتتعالى الحناجر منددة بحرمة ظهور الأنبياء على الشاشة. على الجانب الآخر، ترى الكاتبة أن هناك المئات من الأفلام العالمية التى أُنتجت، وفى الطريق الآلاف غيرها عن الأنبياء برؤية صهيونية، تلعب فيها السياسة والأهواء الشخصية دورًا كبيرًا، فنرى أبو البشرية الثانى نوح سكيرًا، وداود الأواب زانيًا، وسليمان الحكيم تسيطر على عقله امرأة فيسقط فى الهوى، وموسى كليم الله بذيئًا يتعدى على الله بالقول. وتقول"قائمة التجاوزات طويلة، ونحن نتعامل مع الأمر برمته بدفن رؤوسنا فى الرمال، مفضلين مبدأ الرفض من البداية لراحة العقول، فنسقط أسرى الإسرائيليات من الحكايات عن الأنبياء المنتشرة للأسف، ليس فقط فى حكايات العوام والسيناريوهات العالمية، ولكن ضمن نسيج بعض الكتب التراثية الإسلامية". وتضيف: "نحن فى حاجة إلى ثورة فى الطرح الفنى، قوامها المحافظة على قدسية الأنبياء ومكانتهم فى وجداننا، وعمادها الإبهار الإبداعى المتضافر مع الامكانيات المادية والفنية، لتكون المحصلة أعمالاً تقرب هؤلاء الأنبياء للعوام، قائلة: "لا أعرف لماذا لا يستثنى فقط من التشخيص الأنبياء أولى العزم ويتم الاستعانة بهالة ضوئية للتعبير عنهم، أما باقى الأنبياء فلا مانع من ظهورهم، ولنا فى دراما يوسف الصديق نموذجًا يحتذى، فتشخيص يوسف كان سببًا فى معرفة الكثيرين له، ولأنبياء آخرين". وتستطرد: "فى عالم السينما العالمية كل شىء قابل للنقاش والجدل، وهناك دائمًا مساحة من الاعتقادات الشخصية تسيطر على المبدعين عند الاقتراب من قصص الأنبياء، وفى أحيانًا أخرى تسير تلك الأعمال على هدى قصص الأنبياء فى القرآن الكريم، أو التوراة والإنجيل.. ولكن السؤال ما الذى يحفز السينما العالمية على إنتاج أفلام تتمحور حول الأنبياء فى العهد القديم من أمثال نوح وموسى وغيرهما؟ بشكل يصل إلى حد الظاهرة، التى انطلقت مع بدايات السينما فى أواخر القرن التاسع عشر، وصولاً إلى اليوم، ولم تفقد مرة وهجها، رغم أن الوسائل التقنية بين هذه الأفلام تطورت مع مرور الوقت". وتؤكد: "هذا الأمر طبيعى، إلا أن القاسم المشترك بينها هو ضخامة الإنتاج، وتجسيد نجوم عالميين شخصيات الأنبياء من بينهم: شارلتون هيوستون وراسل كرو وغيرهما لا شك فى أن هذه الأفلام تستقطب جمهورًا كبيرًا، باعتبار أن حبكة القصص فى الكتاب المقدس ممتعة وثمة تآلفًا مع أبطالها، وتتمحور الروايات حول الخير والشر، فضلاً عن أنها تزخر برسائل إنسانية ومادة درامية تحمل قيمًا فنية.. حتى إن بعضها يعتبر من كلاسيكيات السينما العالمية ونال جوائز أوسكار، وحققت حتى الآن أرباحًا كثيرة، ورغم أنه بين الحين والآخر تنال تلك الأعمال قدرًا كبيرًا من الهجوم والرفض من رجال الدين فى الديانات الثلاث، إلا أن هذا لم يمنع هوليود من التحضير لأعمال جديدة". وتقول: "فى العالم الإسلامى رفعت إيران راية إنتاج أفلام الأنبياء بالرؤية الإسلامية من منطلق أنها قصص ذُكرت فى القرآن الكريم، وبالتالى لم تأت للتسلية والتلهى، وإنما جاءت عظة وعبرة لأولى الألباب، وهم يرون أن إنتاج تلك الأعمال تثير فى النفس التأمل والتفكر فى سنن الحياة وقواعد الاجتماع البشرى وسيرة الناس عبر الزمان والمكان، وإن كان ربنا، تبارك وتعالى، أنعم علينا بنعمة قصص طائفة من حكايات الأنبياء وأقوامهم فإنه يلفت النظر إلى أن المهم فى تاريخ هؤلاء العظماء الانتباه إلى العظة والعبرة منها". وتطالب: "علينا إنتاج الأفلام، خصوصًا إذا كانت ذات منهج علمى بديع فى عرض هذا القصص القرآنى، ومبتعدة عن خرافات الإسرائيليات وخزعبلات القصَّاص وأكاذيب بعض المؤرخين". وتقول المؤلفة: "أحاول فى هذا الكتاب بمجهودى المتواضع الاقتراب من التناول الدرامى لقصص الأنبياء والمنهل الذى أخذ ت منه، وبقدر ما هالنى هذا التطاول على الأنبياء فى أعمال سينمائية لا تعترف بعصمة الأنبياء عن الكبائر، بمقدار ما أسعدنى وأنا أقترب من طريقهم المضئ بأعمال، رغم أنها قليلة ومحدودة الإمكانيات إلا أنها تعتمد على ما قاله الذكر الحكيم، أن هذا الكتب يحاول تقديم صورة الأنبياء فى الدراما، ومدى تطابقها مع ما جاء فى الكتب المقدسة "القرآن والإنجيل والتوراة"، وللأسف اكتشفت وجود سيل من الإسرائيليات والشطحات الفنية".