وصف الكتاب:
يقول الدكتور درويش المحاربي في تمهيد الكتاب: “في حياتنا القصيرة جدا تحاصرنا خيول المعرفة الجامحة، السارحة في انطلاقتها، الساحرة في إطلالتها، والمسحورة بصهيلها المدوي. نلملم فتات قدرات عقولنا لتخوض بنا هذه الساكنة فينا، المضطجعة فوق سكون التأمل والتدّبر. نشد ونرخي لجامها المنسوج في زوايا أضلعنا، نسافر من خلالها إلى فضاءات الدهشة من هذا الكون العجيب الغريب على أمل أن نندهش من دهشتنا إن استطعنا لأن الدهشة هي السبيل الأقدر لتمكيننا من الغوص في أعماق الاستطلاع، هذا المستعصي الآخر المنتظر فوق أشرعة هربت من ثناياها الاتجاهات”. ويضيف المؤلف في تمهيده: “المعرفة، هذا القدر الذي أحاط بنا منذ أن قال الله عز وجل للملائكة ”إني جاعل في الأرض خليفة”. هذه السحابة التي نمطرها رعدا وبرقا ليلا ونهارا، نسيل أوديتها أملا وطمعا، تأتينا تحمل بين طياتها ثروة إنسانيتنا، يتوارثها الناس جيلا بعد جيل، تذكرنا بنا، بكينونتنا، بإنسانيتنا. معجونة هي في طيننا وروحنا، ترتحل بيننا وتقيم فينا دون الحاجة إلى إجراءات لدخولها سوى تأشيرة الرغبة في معرفتها عن قرب والإنصات لها، لتوسع مداركنا وتلهب حماسنا الهائم فوق براكين صقيع المجهول”. ويستطرد المؤلف موضحا: “تخطب بصيرتنا ودّ بصرنا، نسمع وقع خطوات الفكرة، هي آتية لا محالة. نحس أنفاس معانيها وهي تحتضن آذاننا الساجدة في محراب الإنصات والاستشراف، على مساحات ضيقة متوارية بين أسطر متزاحمة، فوق ورقة بيضاء ناصعة عادت للتو من وداع آخر قطرة حبر أجهضت آخر زفراتها. رحابة فكرة جديدة ولدت منتشية، بداية البدايات في المعلومة الأهم لنا، خمس كلمات “إني جاعل في الأرض خليفة”، هيبة لحظاتها الأولى ووقع ما حدث فيها وعظيم ما ترسخ عنها. اليوم الأول للإنسان، والأيام التالية، يوم جدي وجدّك! يومي الأول، يومك الأول، وإلى قيام الساعة”.