وصف الكتاب:
يختلف اليهود الذين عاشوا في البلدان العربية اختلافاً كبيراً عن اليهود الذين عاشوا في الغرب الأوربي ، من حيث طبائعهم وطقوسهم الدينية ، كما تميزوا بأنهم أكثر اندماجاً في المجتمعات التي عاشوا فيها ، فإنهم أتقنوا اللغة العربية وآدابها ، بل وأسهم بعض منهم في مجالاتها المتعددة ، وتأثروا في ذات الوقت بالعادات والتقاليد العربية السائدة في المجتمع آنذاك ، فضلاً عن معرفتهم الكبيرة بمعتقدات وأفكار جيرانهم العرب المسلمين ، إلا إن قوة الدين في المجتمع الإسلامي من جهة ، واستقرار الأسس المحافظة في النظم العائلية وطرق المعيشة من جهة أخرى ، وقفا حائلاً أمام انصهار اليهود في المجتمع الإسلامي . أما فيما يتعلق بالاندماج السياسي لليهود في البلدان التي عاشوا فيها ، فلم يكتب له النجاح بشكل كبير ، بسبب معارضة رجال الدين من كلا الطرفين ، وظهور الحركة القومية العربية وتبلورها قبيل ظهور الإسلام وبعده ، مما أسهم في ازدياد حدة التوتر بين اليهود والمسلمين ، وأدى إلى انعزال يهود البلاد العربية في مجتمعات مغلقة إلى جانب العرب ، وأصبحت لهم أحياؤهم الخاصة ، التي أطلق عليه الجيتو .