وصف الكتاب:
تعرضت البلاد العربية الإسلامية في أواخر القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلاديلأشرس هجمة استعمارية عرفت بالغزو الصليبي الذي استهدف مقدسات المسلمين في بلاد الشام واستنزف خيراتها الاقتصادية وتمزيق وحدتها الاجتماعية فكانت بمثابة بواكير الاستعمار الغربي الأوربي في الدولة العربية الإسلامية في العصر الوسيط . بدأت الحروب الصليبية بدعوات دينية أعدت لها البابوية منذ عقود من خلال استخدام الدين لكسب أكبر عدد من الأوربيين للمشاركة فيها بما يخدم الأغراض العسكرية لتبرير العدوان على المسلمين واغتصاب أراضيهم ، وتجسد ذلك بأوضح صورة من خلال الحملات الصليبية الثمان التي تعرضت لها بلاد المسلمين وقد أسفر عنها قيام أربع كيانات صليبية غرست في جسم الدولة العربية الإسلامية وهي الرها وانطاكية والقدس وطرابلس منذ أيام الحملة الصليبية الأولى والتي افاد منها الصليبيون في سياستهم التوسعية تجاه المدن الشامية للوصول منها إلى مصر . أما على صعيد الدولة العربية الإسلامية فكانت هنالك قوتان تتنازعان النفوذ فيها الأولى الخلافة العباسية في بغداد والثانية الدولة الفاطمية في مصر، وتزامن مع تلك الحالة حركة انسياح القبائل التركية الكبيرة من أواسط آسيا تجاه الغرب ، لذا عانت الخلافة العباسية ما عانته من استلاب لسلطتها ، ولم تكن الدولة الفاطمية بمعزل عن ذلك وكانت آنذاك تعيش حالة من الضعف والانحلال بسبب تسلط الوزراء على مقاليد الحكم في مصر ، ومن المؤكد إن النتائج الإيجابية التي حققها الصليبيون في بلاد الشام لم تكن بفعل قواهم الذاتية فحسب بل يرجع ذلك لضعف القوى الإسلامية وتفككها فضلاً عن التناحر فيما بينها .