وصف الكتاب:
إن أي كتاب للفلسفة يجب أن يفتح الباب على مصراعيه للنقاش والتأمل، وهذا بالضبط ما يفعله كتاب “فلسفة الرياضة”. فكونر لا يلقي بأفكاره هكذا جزافًا، بل يضمن أن يضطر القارئ إلى تدبُّر شيء محوري جدًا في ثقافتنا ويشكّك فيه ويمحصه. إن الرياضة لا تهيمن فقط على صناعة الترفيه لدينا، بل وعلى وسائل إعلامنا كافةً. وسرعان ما يتجلى لنا أن الرياضة مجال واسع شاسع، وعليه فإن للكتاب مذاقاً رائعاً. في الوقت الذي مالت فيه الكتابات المعنية بفلسفة الرياضة إلى اعتبار الرياضة ضرباً من المختبرات للنظريات الفلسفية المُبتكرة للتعامل مع ألوان أخرى من المشكلات – كالمشكلات الأخلاقية أو الجمالية أو مشكلات التصنيف المنطقي – يقدم لنا ستيفن كونر في هذا الكتاب فهماً فلسفياً جديداً للرياضة بشروطها الخاصة. ولتعريف ماهية الرياضة، يقدم كونر هيكلاً كاملاً لها، واصفاً عناصرها الجوهرية، بما في ذلك الأماكن المميزة لممارسة الرياضة، وطبيعة زمن الرياضة، وأهمية الأدوات الرياضية، كالمضارب والكرات، وطرائق الحركة أثناء ممارسة الرياضة، ودور القواعد والصُدفة، والمعنى الحقيقي للغش والفوز. يتأمل كونر بشكل مثير للاهتمام ملعب كرة القدم باعتباره لوحاً للأشكال الهندسية، ويتفكّر في علة أن كون المرء في الصدارة يعني تفوقه زمانياً، و”كأنه حَرَّكَ عقارب الساعة إلى الأمام”، ويتدبّر المشاق الجسيمة التي يتحملها المعلق الرياضي الذي كثيراً ما يكون مثارَ سخرية، ويتأمل الجري السريع باعتباره “المحاولة البهيجة للفرار من جاذبية كتلة الجسم”، وفائدة التفكير السحري في “تعقب” المضرب، ويتفكر في كيفية تلاعب المرء بالكرات. تُعرف الرياضات بأنها الألعاب التي تنطوي على مجهود بدني وإرهاق جسماني، ومن ثم فإنها تتطلب في الوقت عينه تقييداً وقدرة على تجاوز هذا التقييد. يقول كونر إن الرياضة سمة أساسية من سمات الإنسان الحداثيِّ. فقد ثبت أنها واحدة من أقوى الطرائق التي يمكننا من خلالها إقامة علاقة بين الإنسان والعوالم الطبيعية. إن كتاب “فلسفة الرياضة”، الذي يضم مجموعة كبيرة من الرياضات المختلفة، ويستشهد بفلاسفة أجلاء أمثال هيجل وفرويد وفيتغنشتاين وهايدغر وأدورنو وسارتر وأير ودولوز وسيريس، يُعدُّ مصدرًا رائعًا وممتعاً ومذهلاً للرياضيين المتأملين ولفل