وصف الكتاب:
لقد عرف العرب قبل الإسلام أعراف كثيرة قام عليها مجتمعهم وكان ذلك في نـواحٍ شتى من النواحي التي عالجها الإسـلام فيما بعـد مما جاء بـه مـن فقه وتشريعات، وقد أقر الرسـول (صلى الله عليه وسلم) كثيراً من هذه الأعراف والمبادئ التي كانـت قد تبلورت فصارت أعرافاً ينزلون على حكمهـا فما كان الإسلام ليغير كل ما كانت عليه الأمة العربية حتى ما كان صالحاُ لبناء مجتمع صالح للحياة الطيبة، والإسلام جاء في مجتمع له تقاليده وأعرافه وحياته وقوانينه الخاصة. وعند بلوغ أوج التطور أوجد منافع فكرية وعلمية وقضائية وسياسية وثقافية جديدة ومجدية ومستحدثة في جميع المجالات وكان منها التأليف والتدوين والقضاء وشمولها لأحداث الدولة الإسلامية على اتساعها، فكان العلم عصمة الخلفاء والأمراء لأنه يمنعهم من الظلم، ويردهم إلى الحلم، ويبعدهم عن الأذية، ويعطفهم على الرعية, فكان الرسول الكريم محمد r يجلس للحكم في منزله ثم أصبح يعقد جلساته في المسجد حيث لم تكن في الأيام الأول بناية خاصة بالمحكمة بل كانت تُلحق بالمسجد غالباً، وأعد الإسلام العقل أداة التفكير والفهم معياراً للحكم على كثير من القضايا في إطار الحرية والتحرر من الخوف، فكانت المبادئ والقيم الإسلامية هي الضمان الوحيد لضبط منطقه وحركته بدعوى الحفاظ على الحياة الكريمة وموجهاً الناس كافة توجيهاً روحياً لكي يطهر العقل البشري من كلِ فكرٍ ضال أو عقيدة باطلة. وتناولت هذه الدراسة أهمية مدخلات التطور الحضاري في تقدم البلدان واقع المدخلات المادية والمعنوية ذو الأهمية الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقة العامة لتلك المدخلات ضمن الإطار العام الإسلامي، فإن تلك المدخلات واجبة في التقييم السلوكي والاجتماعي والعلمي للحفاظ على ثوابت الدين الحنيف من حيث كفاءة العمل في الإسلام والعمل المتقن والصالح والحفاظ على السلطة والمسؤولية في مختلف المستويات لتوفير الإمكانيات القادرة على اتخاذا القرار السليم وحرص الإسلام على الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع لإنماء وحدة الشعوب بالمسؤولية والاهتمام بالرقابة الذاتية ومتابعة الإنجاز وفق ضوابط معينة ومحددة يلتزم بها الأفراد وتجري مسائلتهم على مخالفتها كي تُستر الرقابة والمتابعة على معايير خلق توازن النشاطات وإحكام المسؤولية بدقة وإسداء النصح والتوجيه السديد في سائر التصرفات قولاً وفعلاً. فالأخبار العامة والعمران المدني والحضري وأحداث الماضي هي حقائق لا بد من الوقوف عندها لتحليل تلك الحُقب الزمنية للاستفادة من ذلك الموروث في مفردات الحياة ومفاصلها، فكان هدف هذه الدراسة أن نقدم الوضوح والاعتدال والتسامح في ردود الأفعال والتعامل الصحيح وفق فكرة ودين وتراث ومعتقد سماوي بعيداً عن التطرف والغلو والتعقيد وأن الروح العربية هي بحد ذاتها مادة الإسلام وصرح حضاري عبر العصور الإنسانية البشرية منذ كان الإنسان العراقي يعيش في كهوف وجبال وسهول العراق واستطاع أن يهتدي بل وأهدى الأمم إلى سبيل التعايش السلمي والاستقرار وخلق المجتمعات السكنية والعيش بسلام ضمن الرقعة الجغرافية واحترام العهود والحقوق وصيانة المواثيق. واهتمت الشريعة الإسلامية بالنقود في ميدان العبادات والمعاملات لاتصالها بالزكاة والصداق والوقف والعقوبات والدية، فالإرث الحضاري الإسلامي، ذو مساحة لا أبعاد لها، فألفت نظري عمق تلك المساحة الشاسعة من المجال الذي بإمكان الإنسان أن يعمل فيه على أن لا يستطيع تجاوزه لكي يصل إلى الحكمة بعمقها الإداري الذي من خلاله استهواني موضوع بحثنا هذا بإطار يمتزج فيه ما تم ممارسته قبل أكثر من أربعة عشر قرناً مضت ووقتنا المعاصر ليكون عملنا حصيلة الترابط آنذاك. فتم تناول هذه الدراسة على أربعة فصول لكل فصل ثلاثة مباحث بالاعتماد على عدد كبير من المصادر الأمهات والمراجع ذات الاتصال المباشر بالمادة ومن الله التوفيق. وأفضل الصلاة والتسليم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله أجمعين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بأحسان الى يوم الدين ومن الله التوفيق.