وصف الكتاب:
يتناول موضوع البحث دراسة العصبية الدينية ودورها في قيام وأفول الدول الإسلامية، مع الاعتماد على دولة المرابطين كنموذج للتوضيح والتعليل، والتحقق من ذلك حتم علينا العودة إلى تتبع أحداث التاريخ الإسلامي المتواكبة، السياسية منها على وجه الخصوص المتعلقة بالتطور الذي عرفته الدول الإسلامية عبر مسارها التاريخي، منذ ظهور أول دولة في الإسلام وهي دولة)إلى سقوط آخر خلافة إسلامية وهي الدولة العثمانية، وهو الشيء الذي أوصلنا _ الرسول ( إلى بلورة مجموعًة من الأفكار والاعتقادات منها أن جل دول العالم الإسلامي وكغيرها من الدول، قد مرت في عملية بنائها بمجموعة المراحل التي يسميها المهتمون بدراسة نشأة الدول وتطورها ب:-قانون الدولة- . وهذه المراحل هي: مرحلة التأسيس ثم النمو والقوة وأخيرًا السقوط. وهو ما قال به ابن خلدون عندما قرر بأن للدول أعمارًا مثل الأشخاص، ولكل مرحلة يجب أن تتوفر مجموعة من العوامل والأسباب من بينها حسب ما ذكره ابن خلدون في المقدمة - الدعوة الدينية، والعصبية القبلية-. وسواءٌ تعلق الأمر بالدول التي قامت في المشرق أو التي كان قيامها في المغرب الإسلامي وبالتحديد في الفترة الوسيطة، فإن الملاحظ لها يرى أن العديد منها قد قام على أساس العصبية القبلية والدعوة الدينية مثل الدولة الأموية والدولة العباسية، أو الدول المنفصلة عنهما كالدولة الإدريسية والدولة الفاطمية والدولة الزيانية والموحدية، أو الدولة المرابطية التي هي محل دراستنا هذه. والتي كانت قد اعتمدت في تكوينها على الدعوة الدينية السنية المالكية التي قام الشيخ عبد الله بن ياسين، وعلى عصبية قبيلة لمتونة البربرية وفروعها الأخرى كجدالة ولمطة ومسوفة وغيرها، فتمكنت من أن تتحول من مجرد دعوة دينية على يد زعيمها الروحي عبد الله بن ياسين إلى ملك ودولة قائمة بذاتها بيد زعيمها السياسي يحي بن إبراهيم، وقائدها الكبير يوسف ابن تاشفين وأبنائه من بعده، ومن أن تؤسس ملكًا واسعًا شمل بلاد المغرب والأندلس ودول إفريقيا جنوب الصحراء، وأن تعمر ما يقارب القرن من الزمن، قدمت خلاله خدمات جليلة للإسلام ولأهله، معيدًة بذلك صورة الفتوحات الإسلامية أيام الخلافة الراشدة والأموية والعباسية إلى الأّذهان.