وصف الكتاب:
قد اعتمد نمر سلمون في عمله الذي قدمه لأوّل مرّة في تونس على عامل الارتجال حيث استدعى على الركح متفرجين اثنين ليسألهما عن الطريقة التي يرغبان في مغادرة الحياة بها.. يسأل الحكواتي «كيف تريد أن تموت؟» فيجيب الأوّل: «شنقا» وتجيب الثانية: «غرقا»، وبهذه الطريقة يدعو المسرحي الجمهور للتفكير في هذا الموضوع الذي يلازمنا ولكنّنا نتحاشى الخوض فيه... وعلاوة على ذلك يستدرجنا المسرحي، من خلال الحكايات التي يستعرضها الى عمق الأحاسيس التي ترافق موت القريب، إذ «كيف تُبكى الأمهات، هل بدموع العينين؟» و«كيف يُبكى الابن؟»، ولعلّ معايشة المسرحي لما يحدث في سوريا من تقتيل وإراقة للدّماء كان له أثر على ما تضمنه عمله من ثنايا قاتلة.. وكان نمر سلمون ذكر عقب العرض أنّ المشهد الأخير الذي يحمله من سوريا هو ذلك الموت المجاني والموت العبثي الذي استأثر بالوجود... ولاحظ سلمون أنّ العالم لا يدرك ما يحدث في سوريا ضمن الحملة الموتية التي تعرفها البلاد والفظاعات المسكوت عنها.. فهناك ارتدى الموت لبوسا جديدا ومنها «الخوف من الاعتقال» و«الحذر من التفجيرات» و«الإفلات من التعذيب» وقال نمر سلمون إنّ السوريين يمشون تحت سطوة الموت وإنّ فلسفة الموت في سوريا أصبحت رديفة للفكرة التالية «أيّها الموت، كن رحيما بنا».. مضيفا أنّ بعض الأشخاص ـ مع الأسف ـ، عادوا بعد الثورة إلى «قرديتهم» اي إلى ما قبل انسانيتهم فمارسوا ضدّ أخيهم الإنسان بشاعات لايمكن للعقل البشري أن يتصوّرها...