وصف الكتاب:
في روايته «وإنَّ منهم لعاشقون» يجترح الكاتب مجاهد بن ظافر الشهري مسارات مغايرة في القص ذات علاقة بالبعد الأسطوري النابع من أجواء حلمية يكتنفها الغموض والوضوح معاً، ويفعل ذلك عبر خلطة فنية روائية تُفيد من التراث السردي العربي في قصصه الشعبي، تعيدنا إلى حكايات الجن العاشق للأنس بحوارية وهمية ترتقي في صيغ تعبيرية انسيابية آسرة ذات منحى وجداني وروحاني وفلسفي، ولكنها ما تلبث أن تُثري السرد بإحالاتها الواقعية عندما تذهب إلى تفسير الحالة - عشق الجن للإنس - تفسيراً علمياً. هي قصة فتاة إنسية كتب لها القدر أن تقع في غرام جني، حصل هذا عندما قررت عائلة "حنان" الذهاب في عطلة نهاية الأسبوع في رحلة من الرياض إلى صحراء نجد ليقضوا من خلال الأجواء البرية الممتعة بعضاً من الوقت بعيداً عن صخب المدينة الذي لا يرحم. في المقلب الآخر للحكاية كان الجني هوشيار بن أفوداي يغادر قريته آدوم مطروداً بأمر من عوكام أمير القرية بعد أن أحرقت الغيرة قلب الأخير من شهرة هوشيار التي طبقت الآفاق، وكانت وجهته صحراء نجد وقد قرر البدء بحياة جديدة... وهناك التقاها كانت فتاة جميلة تجلس بعيداً عن الآخرين حزينة... سحرته بجمالها فاجتاحه شعور غريب بإحكام لم يستطع مقاومته، فأحس فجأة وكأنه قد انتقل إلى عالم آخر ساحر لا يُحسن وصفه. يبدأ هوشيار بالتحول إلى هيئة إنسية ويعيش كل تفاصيل حياة حنان، صارحها بحبه فقبلت بعد أن تمثّل لها في أحلامها، فبالنسبة للفتاة أن حبّاً وُلدَ من رحم الرؤيا لا بدّ أن يكون استثنائياً. ولذلك عاشا في عالمٍ آخر أجمل من الخيال، ولكن تلك اللحظات ما لبثت أن انتهت بعدما اكتشف أخ الفتاة أن سلوك شقيقته غير طبيعي فظن أنها ممسوسة بجن، فبدأت رحلة العلاج وليكشف التشخيص الطبي بأنها كانت تمر بحالة ذُهان حاد نتج عن صدمة نفسية في ظرف قاهر كانت عائلتها تمر به... على هامش الرواية يطرح الروائي موضوعات متفرقة منها الخيانة الزوجية وما ينجم عنه من تفكك للأسرة وضياع الأبناء، كما يتطرق إلى طرق التدريس الرتيبة والنمطية التي لا تتناسب وروح العصر، كما يثني على القرار التاريخي الذي يسمح للنساء بقيادة السيارات في السعودية. كما يبرز البعد الميتافيزيقي للمكان وهو يصف الفيافي والقفار وأثرها على الأذهان بحكايا عن العرب القدماء الذين كانوا يعتقدون أن كل شاعرٍ لا بدّ أن يبيت بوادٍ للجن اسمه وادي عبقر، وذلك ليهبوه ملكة الشعر. ويناقش أيضاً علاقة النصوص المقدسة بتفسيراتها المتفاوتة للعالم الغيبي، ورأي الطب النفسي الحديث بالجن والمس والتلبس وتفسيرها تفسيراً علمياً.