وصف الكتاب:
يضم مجموعة من النقاط ذات الأهمية الكبيرة في بناء التجارب المسرحية المصرية، وما تمثله من معاني في الثقافة المصرية ورهاناتها، كما أكد رؤيته التي تذهب إلى أن المسرح يعبر دائما عن الهوية المصرية بما يتناوله من الواقع المعيش هنا والآن، وحول الرؤية بين الأنا والآخر، وحول المتحقق والمأمول، وحول مشكلات الواقع، مضيفا: وهو أشار إلى فهمه للتجريب بصفته تجديدا للمعرفة، وهو تعريف اقرأه لأول مرة، يبدو بسيطا ولكنه في رأيي شديد العمق، يعني أن التجريب هو التجديد في الشكل والمضمون أصبح رؤية قديمة، أما التجديد في شكل المضمون، أو التجديد في مضمون الشكل، فهذه الرؤية جدلية تتجاوز الثنائية القديمة وهي الشكل والمضمون، تابع: حين تنظر إلى الثقافة في أفضل معانيها نستطيع أن نقول إن الثقافة هي التنظيم الاجتماعي للمعنى، وربما كان المسرح كذلك. وأضاف عبد الهادي إن «عبد الرحمن بن زيدان» يقول في كتابه دون ترتيب تاريخي، أنه جاء بكتاب «قالبنا المسرحي» للكاتب توفيق الحكيم، طارحا مجموعة من الأسئلة، ومشيرا إلى أهمية إجابة السؤال الذي طرحه «الحكيم» (لماذا لا يعرف العرب المسرح؟)، وفي الحقيقة هذا ليس سؤالا هذه إجابة، فمن قال إن العرب لا يعرفون المسرح، هذا انحياز. وأشار عبد الهادي إلى أن من يقرأ الكتاب يجد أنه ينطبق على الإشكاليات نفسها في المسرح العراقي والمغربي وغيرهما، بمعنى أنني لو أزلت اسم «مصر» واستبدلته بأي مسرح عربي راسخ ستكون نفس الأسئلة واحدة، وهذا جاء من قدرة «عبد الرحمن بن زيدان» الغير عادية على حبك العبارة، فكانت تقودنا مباشرة إلى المنهج، لنكتشف المشكلة وهي أن الكتاب ارتبط بأوراق مسرحية تفضل فيها الكاتب بالدرس والفحص للمسرح المصري، ولكنها لم تستوفي أركانها. وتابع: من بين الأسئلة التي آثارها الكاتب في كتابة، (ما الدور الحضاري الذي يمكن للمسرح أن يضطلع به في عالم الحوار على المستوى القومي؟)، ربما اجاب «عبد الرحمن بن زيدان» هذا السؤال في كتب أخرى. بينما توجه الناقد المغربي عبد الرحمن بن زيدان بالشكر للدكتور علاء عبد الهادي، رئيس نقابة اتحاد كتاب مصر، وتوجه بالشكر أيضا للدكتور «أبو الحسن سلام» مولد هذا الكتاب الذي أخرجه من العتمة إلى النور، وأخرجه من رحم النسيان ليدخله إلى زمن التذكر والوهج، والذي له فضل كبير على متابعة هذا الكتاب إلى أن وصل للضوء والعلن، والشكر للزميل والصديق «السيد حافظ» الذي كان يتدخل يوميا لرأب صدعا بين «بن زيدان» وبين د. عبد الكريم برشيد. وقال د. عبد الرحمن بن زيدان، في الحقيقة هذا الكتاب لم يعد ملكي، فهو ملك للقارئ الآن، ولكن منطلقاته كانت تنتمي إلى سياق مختلف، وإلى ظروف مختلفة، وأيضا حب المعرفة التي ربطتني بالمسرح المصري، هذا المسرح الذي اتخذ في بداياته وامتداده كمرجعية للكثير من المسرحيات العربية، وأقول صراحة بأن الاهتمام بهذا المسرح وتراكماته وأسئلته وأجوبته وبكل ما أنتج من بدايته حتى الآن، بالإضافة إلى ما أنتجه من الحضور الدائم في المسرحية المصرية جعلني انتبه إلى غنى هذا المسرح. تابع: والغنى هنا في الحقيقة سيكون منه، وفي بداياتي الأولى وأنا أتلمس الطريق إلى النقد والقراءة والإبداع، حيث طرح علي دكتور مسرحي مصري في لقاءات سابقة سؤالا عن (عدد الكتب التي قدمتها)، ومن وقتها وأنا في تحدي مع الذات، وبدأت أكتب وأكتب، وكلما كتبت كتابا قلت أنني انتمي للتجربة المسرحية العربية، فقد كتبت عن المسرح العراقي، والخليجي، والمغربي، والمصري، واعتبر أنني مقصر ومتفق مع الملاحظات التي أشار إليها د. علاء عبد الهادي، ولكنه تقصير ليس فصديا. وأشار د. عبد الرحمن بن زيدان إلى أنه تحدث في كتابه (رهانات المسرح المصري) عن توفيق الحكيم، يوسف إدريس، نعمان عاشور، التجارب الجديدة في الإخراج المسرحي مع انتصار عبد الفتاح وهناء عبد الفتاح، كتابات المخرج سمير العصفوري، وأيضا عن الناقدة والدكتورة نهاد صليحة التي اعتبرها أستاذة النقد، وتأسيس المعرفة الجديدة في تلقي الخطاب المسرحي المصري والعالمي، وأن نفهمه ونوظفه توظيفا صحيحا في التجربة المسرحية العربية والعالمية، وكتبت أيضا كتابات متنوعة عن مجموعة من المسرحيين في مصر، اذكر على سبيل المثال: د. سامح مهران، د. أبو الحسن سلام، الفنانة سميحة أيوب، د. صبري حافظ، والناقد فاروق عبد القادر. وأوضح ابن زيدان أن الكتاب به بعض المطبات والفراغات، ولكنه أكد أنه مهووس بشيء واحد متعدد هو طرح الأسئلة، فإذا غاب السؤال عن رؤيته عندما يقرأ، لا يصبح المكتوب مكتوبا بمعرفة، قائلا: أنا دائما أشاغب بالسؤال فهو الذي يزيل العتمة عن الطريق. بينما يقول الناقد الدكتور أبو الحسن سلام: مثلما يهمني صداقتي بالكاتب المغربي «عبد الرحمن بن زيدان»، يهمني أيضا المنهج الذي يعمل عليه في كتاباته النقدية للمسرح، فقد استطاع أن يجمع بين خطين أساسيين، الأول: يخص الناقد، والآخر: يخص الباحث، وهما متقاربان إلى حد ما، فهو من حيث كونه ناقدا يبدأ بالإيجاد ثم الوصف ثم التقويم، وكباحث أيضا يبدأ نفس المسيرة فيصف ما أمامه ثم يقومه ولكنه يضيف إلى ذلك مسألة التأصيل باعتباره رجل منهج. وأضاف د. أبو الحسن سلام أن هناك خاصية أخرى مهمة تجمع بين الصفتين، وهي الانطلاق من السؤال، فإذا كان الانطلاق من السؤال فمن يسأل المبدع إن كان ناقدا أو مخرجا، ولكن «بن زيدان» يسأل النص نفسه أو المنتج الإبداعي، ولكي يسأل لا بد أن يكون توقف عند شيء يدهشه فيما كتب أو قرأ، فالدهشة هي منطلق السؤال، ومن يسأل (النص) سوف يعمل على البنية ويبتعد تماما عن منهج نظريات التطفل على المنتج الإبداعي. وتابع: في رأيي، «عبد الرحمن بن زيدان» بثقافته الموسوعية، ومهارته في التحليل، وقدرته الفزة على التخريج، قد جمع بين عدد معين من نظريات مختلفة، فأخذ من عدد من النظريات أبرز ما فيها، في إطار توليفي نقدي، كما أنه استطاع بما لديه من مقدرة أخذ عدد من النظريات المختلفة حيث ركز على البنية الكبرى والبنية الصغرى. وعبر المخرج المغربي د. عبد الكريم برشيد، عن سعادته بحضوره هذه الفعالية، قائلا: سعيد جدا أن أحضر الفعالية الثقافية بحضور كل هؤلاء المبدعين المسرحيين، وأن نكون ضيوفا على اتحاد الكتاب، وأن يستضيفنا الدكتور علاء عبد الهادي للمرة الثانية، وسعيد أيضا أن ما يجمعنا هو المسرح. وقال د. عبد الكريم برشيد: إن العالم هو المسرح، والمسرح هو العالم، ونحن جميعا نلتقي في هذا العالم الصغير أو الكبير، وشيء جميل أيضا مناقشة كتاب «رهانات المسرح المصري»، وأن يكون كاتبه من المغرب، وأن يتحقق هذا التلاقي بين المشرق والمغرب، مشيرا إلى أن العلاقة بين مصر والمغرب علاقة تاريخية دينية لها ارتباطا بالحركات الصوفية، وبالتالي فالماضي يعود مجددا من خلال هذا الكتاب. وأضاف برشيد أنه يعتبر مصر دائما رائدة في المجال الثقافي والفكري والإبداعي، ولا تزال، وفي المسرح رواد لا يمكن إلا أن نحترمهم ونعتز بهم، وأكبر الأسماء في المسرح بدء من المسرح الشعري (أحمد شوقي وتجربته) وصولا إلى (صلاح عبد الصبور) الذي أحبه كثيرا، وقدمت له مسرحية «مسافر ليل» عام 1970 من إخراجي. وأشار برشيد إلى أن كتاب «رهانات المسرح المصري» غني بتجارب، وأسماء، وعطاءات، وأن المجهود الذي قام به «بن زيدان» هو مجهود كبير، حيث غاص في هذا المسرح وأغواره وأسئلته، وأسماء على مستوى الكتابة النقديةن فأنا احترم كثيرا الدكتور علي الراعي، فهو رجل عروبي الروح، وأول من كتب عن المسرح في الوطن العربي في دائرة عالم المعرفة، وفي بداياتي الأولى كتب عني في مجلة «العربي». كما قال العراقي د. فاضل سوداني، أنا قارئ لـ«عبد الرحمن بن زيدان» بشكل جيد، واعرف اتجاهاته ضمن منهجية خاصة، وضمن ما فكر به في دور الناقد المفكر الذي نحتاجه في مسرحنا العربي، ولهذا أقول إن الناقد المفكر له ميزات خاصة لها علاقة بتأشيره للشكل الصحيح للمسرح، وهذه مسألة مهمة جدا، وهي مهمة الناقد. وتابع: ومن هنا تأتي مميزات «بن زيدان» وهي التي ذكرتها، ولكنها تعتمد على طرح مناقشة أو سؤال معاصر يستطيع أن يكشف الكثير من الأخطاء والعقبات التي تقف أمامه لتطوير المسرح، وأيضا الرهانات: أي البحث في مستقبل المسرح، وهل نحن قادرين على الحس بمستقبل المسرح، والطريق الذي يؤدي لتطور المسرح، بالإضافة إلى التجريب في المسرح، فهذا يحتاج إلى عقل مبدع من قبل المبدع المسرحي سواء كان مؤلف، أو مخرج، أو ممثل، وغيرهم. فيما قالت الباحثة الجزائرية د. جميلة مصطفى: أرى أن الناقد موثق، وهو يوثق للذاكرة المسرحية العربية، ولم يبدأ بالمسرح المصري، على أنني أعرف هوى «عبد الرحمن بن زيدان»، فهو أستاذي ومرشدي، والآخذ بيدي في المسار النقدي المسرحي، فهو عالم من أعلام الفكر والثقافة بالمغرب والعالم العربي، كما أنه من المسرحيين الذين واكبوا مسار المسرح العربي، وقد تثنى له ذلك من خلال مشاركاته في الملتقيات والمهرجانات والندوات العربية والعالمية. وأضافت جميلة أن «بن زيدان» تكونت لديه مرجعية من المشاهدة التي مكنته خلال السنوات الأخيرة من أن يقف عند تجارب كثيرة لمسارح عربية، وكان من المؤسسين للنقد المسرحي انطلاقا من كتابه الأول «إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي»، وانطلق من العموم ليصل إلى التخصيص في «قضايا المسرح العربي»، و«خطاب التجريب في المسرح العربي»، و«التجريب في النقد والدراما»، ثم بدأ في التخصيص في السنوات الأخيرة في «مقامات القدس في المسرح العربي»، و«المسرح العراقي رؤية تراجيدية في مسرح متغير»، و«المسرح في الإمارات»، وغيرها. وتابعت: وهذا الكتاب به عتبتين، الأولى: هي العنوان الذي احترم فيه «بن زيدان» التراتب الدلالي، فتجده يقول (المعنى والسؤال)، وبالتالي يخبر المضامين والمعاني ثم يطرح أسئلة بمثابة رفيق حميم يرافق كاتبنا في مساره النقدي المتميز.