وصف الكتاب:
يحاول هذا الكتاب أن يتتبع أزمنة فكرية تنتمي إلى أربعة عصور أو مراحل تاريخية، زمن ينتمي إلى العصر الوسيط، وزمن ينتمي إلى العصر الحديث، وزمن ينتمي إلى عصر ما بعد قيام الدولة العربية الحديثة، وزمن ينتمي إلى تحولات العقدين الأخيرين من القرن العشرين. وقد شهدت هذه الأزمنة تحولات عميقة أثرت على مسارات الفكر الإسلامي وغيرت من اتجاهاته ومسلكياته مرجعياته. ففي العصر الوسيط حصل تحول في مسلكيات الفكر الإسلامي السني مع ظهور ابن تيمية حيث ساهمت حركته الفكرية والاحتجاجية في الحد من تطور وتأثير حركة الغزالي الفكرية. وفي العصر الحديث ظهرت نزعة إصلاحية عبر عنها السيد جمال الدين الأفغاني بمفهوم الجامعة الإسلامية، وقد مرت هذه النزعة بأطوار وتحولات بعد غياب الأفغاني مثل فيها الشيخ محمد عبده طوراً أساسياً، وهكذا الشيخ عبد الرحمن الكواكبي والشيخ ممد رشيد رضا الذي كان آخر حلقات وأطواره ذه النزعة الإصلاحية التي يؤرخ عصرها إلى نهاية الخلافة العثمانية. ومع قيام الدولة العربية الحديثة تشكلت ملامح جديدة في مسلكيات الفكر الإسلامي غلب عليها التشبث بالهوية والخوف من اختراقها أو الإحاطة بها. وقد ظهرت في هذه المرحلة محاولات إصلاحية وتجديدية يتحدث الكتاب عن ثلاث منها تنتمي إلى بيئات متعددة، هي محاولة السيد محمد باقر الصدر في العراق، والشيخ مرتضى المطهري في إيران، والشيخ محمد مهدي شمس الدين في لبنان. أما في العقدين الأخيرين من القرن العشرين فقد تغيرت فيهما ملامح واتجاهات ومسلكيات الفكر الإسلامي، بين حقبة الثمانينيات التي غلب عليها الاندفاع وذهنية المواجهة والصدام، وبين عقد التسعينيات شهدت بعض خطابات الفكر الإسلامي مراجعات وتقويمات في المفاهيم والمناهج تبلور منها تطلع لمنحى جديد. ولأن جميع هذه المحاولات التجديدية كانت تنطلق من قاعدة التواصل مع التراث، لذلك كان من الضروري الحديث عن التراث في إطار كيف نفهمه؟ وكيف نتعامل معه؟ كيف نفهمه؟ هو السؤال المعرفي، وكيف نتعامل معه؟ هو السؤال المنهجي. والنظر إلى التراث ليس بقصد الاستغراق فيه، أو الاكتفاء به، وإنما هضمه واستيعابه والإضافة عليه، وإنجاز ما هو أرقى منه، وهذا ما نقصده بالاجتهاد.