وصف الكتاب:
تتعدد زوايا النظر في الظاهرة اللغوية بتعدد مستويات التحليل اللغوي، ويحظى مستويا التركيب والدلالة بأهمية بالغة لدى عموم الباحثين في الدرس اللساني واللغوي العربيين؛ وقد تفرقت السبل بهؤلاء إزاء أي المستويين أجدر بالمركزية في الدراسة والتحليل والنظر. وقد عني نحاة العربية الأوائل في نظرهم في المتن العربي بوصل منجزهم في التحليل النحوي بأوثق الأسباب بالتركيب والدلالة؛ ويتبدى ذلك جليا فيما يقيمون عليه تخريجاتهم ونظراتهم من قيود تركيبية وقيود دلالية، حاسمة في الكشف عن طبيعة الظاهرة اللغوية وأسبابها أثناء الوصف النحوي. ويعد صنيع سيبويه في "الكتاب" أقوى النماذج وأجدرها بالاعتبار في هذا المقام؛ لما له من فضل السبق والريادة والتأسيس. وقد يممنا وجهنا في هذا الكتاب شطر منجز سيبويه النحوي، وبغيتنا النظر في ترابطات التركيب والدلالة في النحو العربي بالارتكان إلى نماذج تحليلية من "الكتاب"، على أمل الوقوف على ما يجمع هذين المستويين في تعاطي إمام النحاة مع بنيات العربية وأساليبها في القول. وقد انصرف معظم الجهد إلى دراسة الاستفهام والنداء؛ لما لهما من مزية فضل على سائر أنماط القول العربي، أبرز تجلياتها في اطراد حضور هذين الأسلوبين في التداول اللغوي العربي وفي الوصف النحوي. وانتهينا إلى أن سيبويه في استثماره لمستويي التركيب والدلالة في "الكتاب"، لم يسر وفق نسق موحد في تغليب أحدهما على صاحبه؛ فلا مجال للقول باستبداد أي منهما بمنهجه في النظر النحوي. فقد كان إمام النحاة يقيم تحليله على أساس استحضارهما في وصف ظواهر اللغة وتفسيرها؛ مما يكرس وجوب التوفيق بينهما في النظر والتحليل النحويين. كما أفضى بنا البحث كذلك إلى اتصال وثيق بين التركيب والدلالة في نحو العربية كشفت عنه نماذج "الكتاب" التي كانت موضوع درسنا؛ إذ لا ينفك الوصف والتحليل النحويان عن قيود تركيبية وقيود دلالية وقيود سياقية، تحكم المواضعة اللغوية المألوفة في أداء بنيات العربية وأساليبها لمعانيها المعهودة، أو للنهوض بأداء معان ودلالات أخرى تتيحها تراكيبها وفق شروط مخصوصة؛ أبرزها مقامات التواصل والتخاطب. و لقد أشارت البحوث منذ فترة طويلة إلى أهمية العلاقات الأسرية في النمو النفسي و الاجتماعي لأفراد الأسرة، لكن في الآونة الأخيرة اكتسبت العلاقات الأخوية أهمية خاصة، باعتبارها من بين السياقات العلائقية الأكثر ديمومة، و تأثيرا على نمو الفرد طول الحياة. فالأشقاء هم من أكثر الأفراد تأثيرا في حياتنا؛ ففي مرحلة الطفولة، هم السياق الذي نتعرف من خلاله على التفاعلات الاجتماعية، و حل النزاعات، و المشاركة، و المفاوضة، و إدارة العواطف، و جميع دروس الحياة الأساسية. و في مرحلة البلوغ، يكون الأشقاء مصدرا أساسيا للدعم و نحن نواجه تحديات الحياة، كما يمكن للعلاقات الأخوية السيئة أن تجعل طفولتنا بائسة و حياتنا فوضوية، لذا فإن معرفة كيفية تسخير قوة هذه العلاقة الرائعة يمكن أن يقدم زخما من الدعم و الدفئ و المودة طوال العمر. لكن بالرغم من الأهمية الكبيرة للعلاقات الأخوية إلا أنها لم تلقى الإهتمام الكافي، و قد جاء تقدم البحوث المتعلقة بها متأخرا نوعا ما مقارنة بالعلاقات الأسرية الأخرى، أنا بالنسبة للدراسات و البحوث العربية فتكاد تنعدم الدراسات التي تناولت هذه العلاقة المهمة و المحورية في الأسرة، لذلك فقد جاء كتابنا هذا من أجل سد هذه الفجوة، و إعطاء صورة شاملة حول العلاقات الأخوية، حيث يتناول الكتاب في طياته عديد المحاور المتعلقة بالعلاقات الأخوية.