وصف الكتاب:
الباب القديم مُقشَّر ولا يبلغ الأرض، بل يترك مسافة تكفي لتسريب الصوت.. الصراخ الذي يترجَّع في أذنيكِ مهددًا بانفجارهما. لأول مرة ترَين هذا القبح! عورة الخشب في الباب المتهالك الذي استباحته كل كفٍ وتركت عليه عرَقها وبَصْمَتَها وغبار خلاياها! كيف لم ترينها طيلة هذه السنواتتهبطين ببصرك نحو الأرض، ثم ترتقين أعلى الجدران.. كل شيء يثير اشمئزازك، تلتفتين نحو النافذة المشرعة.. هناك؛ على مدى الشوف تلمحين طفلة بثوبٍ منفوش، لَبني اللون، تعدو فيهفهف شعرها فوق كتفيها ويسبقها نسمة رقيقة من عبق زهر النارنج؛ تبدو هذه الطفلة في العمر الذي لا تُسعف فيه الذاكرة أحدًا ليقول: كان لي أبٌ طيب، أمٌ حنون، كنا نعيش في بيت جميل، العمر الذي لا يحتفظ الذهن بصورة مؤكدة عنه، بل فقط هالة لَبنية.. ومسحة عَفرتة وشقاوة، يصفونه بـ: "عمر الزهور"، وهو نفس عمر العيل الذي يوجعكِ صراخه الآتي من تحت الباب