وصف الكتاب:
من أهم كتب المقريزى رغم صغر حجمه، والمقريزى أحد أهم المؤرخين المصريين منذ العصور الوسطى وحتى اليوم. كتب القريزى هذا الكتاب بعد المجاعة التى وقعت سنة 796 هجرية , وربما أثر عليه وفاة إبنته الوحيدة سنة 806 هجرية بالطاعون الذى أعقب تلك المجاعة. ويتناول المقريزى فى هذا الكتاب تاريخ المجاعات التى نزلت بمصر منذ أقدم العصور وحتى سنة 808 هجرية سنة تأليف هذا الكتاب. ويحتوى الكتاب على رؤية اجتماعية واقتصادية ثاقبة تبحث عند تدوينه لأخبار المجاعات أسبابها ويقترح علاجها وليس ذلك غريبا فقد كان المقريزى معاصرا للعلامة ابن خلدون. وليس غريبا أيضا تقسيمه للمجتمع المصرى إلى طبقات ودراسة كل منها قال الأستاذ محمود محمد شاكر: …انتبهت فزعًا، وإذا أنا أقلب الصفحة التَّاسعة والعشرين من هذا الكتاب، وإذا خطوطٌ حمر قد ضربتُها فوق الأسطر: “ودخل فصل الرَّبيع فهبَّ هواء، أعْقَبَه وباء وفناء، وعدم القوت حتَّى أكل النَّاسُ صغارَ بني آدم من الجوع، فكان الأبُ يأكل ولده مشويًّا ومطبوخًا، والمرأة تأكل ولدها… فكان يوجد بيْن ثياب الرَّجُل والمرأة كتف صغير أو فخِذه أو شيء من لحمه، ويدخُل بعضهم إلى جاره فيجِد القِدر على النار فينتظرِها حتَّى تتهيَّأ، فإذا هي لحم طفل، وأكثر ما يوجد ذلك في أكابر البيوت”(*). أين يعيش أحدُنا وهو يقرأ؟ هذه تسع ساعات يُخيَّل إليَّ أني قضيت ثماني ساعات منها وأنا أقرأ هذه الأسطر القليلة أُقلِّبها لعيني فتتقلَّب معانيها في نفسي؛ إذ كانت تنزع في معناها إلى الآلام المفتجّرة بدمي في قلبي، فلا يكون الحرفُ منها إلاَّ أفكارًا تتَّسع وتتراحب، وتتداعى وتتوالد، ويَنْسَخ بعضها بعضًا. ولو ذهبتُ أكتب ما قرأته في نفسي منه هذه الأسطر، وما تحدثتْ به النفس من حديث أَكَلَ ثماني ساعات من أوَّل الليل إلى مطلع الفجر، لملأَ ذلك ما يقع في كتاب مفرد، ولكن… لماذا لا تكون هذه القسْوة المتوحِّشة إلاَّ من أعمال القلوب المتحجِّرة في بيوت الأغنياء والأكابر؟ ولماذا يكون أقسى القسْوة في قلْب المرأة الغنيَّة، فتكون هي أعظم استِهانة بجريمة أَكْل ولَدِها الذي ولدَتْه؟… * كتاب “إغاثة الأمة يكشف الغمة” هو تاريخ المجاعات التي كانت بمصر،، وهذا الَّذي نقلناه من تاريخ المجاعة التي كانت بمصر في الدولة الأيوبية سنة 596 فقيل فيها: “سنة سبع افترست أسباب الحياة (شاكر).