وصف الكتاب:
يعد الأستاذ سلامة كيلة واحداً من المؤيدين والمدافعين عن وجودها في الدولة العربية الإسلامية. ووفق منهج تاريخيي يحاول في هذا الكتاب،تحديد نمط الإنتاج الذي ساد الدولة العربية الإسلامية مفندا نظرية ماركس،فيخوض حوارا من داخل ألماركسية ويبحث في المنطق الذي يحكم الدوغما،ويناقش كل من كتب وتبنى نظرية غياب ملكية الأرض مثل احمد صادق سعيد وهادي العلوي وبو علي ياسين وسمير أمين وغيرهم. في مستهل الكتاب يحدد بشكل دقيق طبيعة ملكية الأرض في الإسلام المستندة على القرآن والسنة،باعتبارهما الاطار الدستوري الذي حكم الدولة العربية الإسلامية اضافة الى بعض المصادر الفقهية والتاريخية والجغرافية والأبحاث الاقتصادية ككتاب الخراج لأبي يوسف، وكتاب اقتصادنا لمحمد باقر الصدر. فكل الحضارات في التاريخ العالمي منذ اكتشاف الزراعة وتشكل المدن والتحول من القبيلة الى الشعب كما يذكر المؤلف استجلب الملكية الخاصة للأرض، ولم يكن من الممكن التخلي عن هذه الثروة حيث اعتبرت مقدسة،وتملكها هو المسبب للحروب، مما فرض انتاج البنية الحقوقية المؤكدة لهذا التملك وليس لنفيه. ووبعد ان يبين حق الملكية في التاريخ يتطرق الى حق التملك للأرض في الدولة الإسلامية فيرى بأنه ظل واضحا وليس من كتاب تاريخي أو جغرافي أو فقهي أو أدبي إضافة الى القرآن والسنة إلا ويحوي عشرات الصفحات المتناثرة هنا وهناك عن ملكية الأرض في الإسلام، فترد مباشرة حينا وبشكل غير مباشر احيانا اخرى مثل تحديد ملكية الأرض فيها أو طريقة الفتح وحكم ملكية الأرض او اقطاع من الرسول أو الخليفة لهذا الشخص أو ذاك. ولتعزيز نظريته هذه يمضي المؤلف في مناقشة ما ورد في القرآن والسنة وما كتب في كتب الفقهاء مشيرا الى الاختلافات في تفسير بعض الممارسات. وبعد هذه المناقشة التي يؤكد فيها على ان الأرض اساس النظام الاقتصادي الاجتماعي للدولة العربية الاسلامية يتطرق الى مصادر انبعاث فكرة غياب الملكية الخاصة للأرض في الشرق ولماذا عممت. يتناول بالتحليل النظرية الماركسية ليبين بان كل بحث ماركس عن ملكية الأرض في الشرق قائم على مفهوم الحيازة وليس التملك وقد استقاه من هيغل الذي بناه على مبدأ غياب العقد الاجتماعي في الشرق،ولكنه حوله على واقع. ويمضي في تحليل نظرية ماركس ليؤكد بان هذا المفهوم ينطبق على مرحلة القبيلة 0 المشاعة) وفي مرحلة مبكرة منها حينما أصبح الاستقرار ضرورة حيث تكون ملكية الأرض عامة لكنها توزع على الأسر المختلفة. وهذه كما يراها الخطوة الأولى نحو الملكية الخاصة وأساس انتقال الى المجتمع الطبقي وتشكل الدولة التي تفرض العقد. وان الجماعات القبلية قد تفككت حين تحقق الاستقرار في الأمصار، ولم يبقى منها سوى علم الأنساب، حيث اندمجت القبائل القادمة من الجزيرة العربية بالسكان المقيمين بالمدن والأرياف. ولتعزيز فرضيته بنفي الفكر الماركسي حول هذه المسألة يناقش طروحات الدكتور عبد العزيز الدوري وبوعلي ياسين وسمير امين متطرقا الى مفهوم الأرض العنوة، والصوافي،والخلاف بين الصحابة في تحديد مصير الصوافي، والى مسألة الفائض التي ركز عليها د.سمير أمين، ليبين بان تطابق مفهوم الفائض ومفهوم الضريبة واتحاد الجهاز السياسي والجهاز الاجتماعي والغلة هي الفائض وليس الخراج الذي هو ضريبة على الغلة.وهي محددة في الإسلام العشر على المسلم وتسمى صدقة ومقدار محدد على اهل الذمة.وبعد مناقشة طروحات د. سمير أمين ينتقل الى د. محمد عمارة ليؤكد بان الباحث مع عمارة يصطدم بموقف ايديولوجي انتقائي يسعى لإيجاد مستند لملكية الدولة في الإسلام حيث يجده يقول عن تفسيره لموقف عملي يعطي امكانيات كبيرة لاستخراج موقف نظري ينتصر للملكية العامة بعد ان يختتم مناقشته لهم يؤكد بأن هدفه من هذه المناقشات الوصول الى تصورات واستنتاجات قريبة للواقع لكي يصبح وعينا بالتاريخ أفضل ونتخلص من المسبق الايديولوجية ومن الوعي الذاتي ومن الدوغما التي تجعل البحث في التاريخ بحثاً ايديولوجيا. وتحت عنوان الدوغما تؤسس واقعها وقراءة في قراءة القراءة يضع الدوغما على المحك.فيتناول بالتحليل المسبق الايديولوجي الذي قولب الاسلام وفق تصور راهن وقولبة التاريخ وفق منظومتها.فيقرأ لنا قراءة احمد صادق سعد في كتاب الخراج لأبي يوسف وما لمسه في بحوث هادي العلوي الذي أكد في معظم بحوثه بأن الإسلام الأصلي هو إسلام مشاع ليؤكد على الملكية الخاصة بالإسلام وعلى مشاعية الأموال عموماً. وتحت عنوان محمد باقر الصدر استغراب يختتم المؤلف الكتاب. فيناقش كتاب اقتصادنا الذي أكد فيه بأن الإسلام هو السباق الى تأكيد مبدأ الملكية العامة وبما أنه قائم على الملكية العامة فلا حاجة الى الاشتراكية ولا حاجة ايضاً الى الرأسمالية. فالإسلام اشتراكي قبل الاشتراكية وهو في الأموال المنقولة رأسمالي قبل الرأسمالية وبعد أن يلقي الضوء على كتاب اقتصادنا الذي ضم فكر الشهيد الصدر يؤكد بأننا ازاء مفهومين حديثين استنتج من الإسلام (الفكر والتاريخ)ولكنه ادخلنا في متاهة جديدة تخص الأرض التي فتحت صلحاً واعتبر بأن كتب الصلح يمكن أن تنص على أن الأرض ملك لأهلها. بعد قراءة الكتاب نرى بأن المؤلف قد نجح في تحديد نمط الانتاج من خلال بحثه في ملكية الأرض وفق المنهج التاريخي العلمي ومناقشة الاراء التي بنيت على الفكر الماركسي بتفنيد ملكية الارض في الاسلام وتفكيك الدوغما وتوضيح عمقها وهشاشتها من أجل وعي كنه الماركسية لتصبح أداة وعي الواقع وعيا علميا ومن ثم اداة تغيير هو الغاء حالة التمييز الذي حكم مفكري اوربا وجعلهم يعممون تاريخهم على العالم.