وصف الكتاب:
لاشك أن كتابات الرحالة وأخبار رحلاتهم تعد كنوزاً ساعدت في تقدم التاريخ البشري وانتشار المعلومة الصحيحة وخصوصاً أن كثيراً من الرحالة اتصفت كتاباتهم ولو بدرجات متفاوتة بدقة الملاحظة، والوصف والتقصي في تسجيل مشاهداتهم بأمانة وصدق بل حرص معظمهم على التفرقة بين المشاهدة والرواية عند تسجيل معلوماتهم. وهناك أمر اّخر يتعلق بأهمية كتب الرحالة، وهو أن المصادر التاريخية التي وصلت إلينا من عصور السيادة الإسلامية اتسمت بالاهتمام بالزوايا السياسية والحربية في المقام الأول، أما الجوانب الحضارية الأخرى– مع عدم إهمال الجوانب الأولى بالطبع – فإنها لم تحظ عند مؤرخي ذلك العصر، إلا بالقليل من العناية، وإن وردت لدى مؤلفات المؤرخين حينذاك، فهي بصورة ضمنية وعرضية، ولا تتناسب مع ضخامة ما ورد بشأن الزوايا السياسية والحربية الأخرى، وهنا تبدو أهمية مؤلفات الرحالة الذين قَدموا من خارج بلاد السلطنة المملوكية وقدموا رؤية مهمة من خلال عيون غريبة وافدة على المنطقة وفي الصدد ذاته ، تركت الرحلة الأوربية ملاحظات عن المدن والسكان والأحداث التاريخية، فقد نزلوا المدن وسجلوا مشاهدات قيمة لم تذكرها المصادر المعاصرة ، وكلما طالت إقامتهم في المدن كلما عرفوا المزيد فيفتحون بذلك سبلاً جديدة تكشف غموض بعض الأمور بدقة شديدة ؛لأنها في نهاية المطاف عبارة من معلومات جاسوسية تصل لصانعي القرار في العالم المسيحي / الأوروبي في العصور الوسطى، ومن زاوية أخرى ، فإننا نلحظ أن اليهودي الأوربي في مختلف العصور كان يجد أن من فضل الله عليه أن يتاح له حج البلاد المقدسة والتبرك بقبورها وزيارة مقامات الصالحين فيها.