وصف الكتاب:
يُعد اكتشاف القارة الأمريكية وطريق الهند عبر رأس الرجاء الصالح أعظم حدثين في تاريخ البشرية الحديث، إذ لم تكن حكمة البشر تستطيع أن تتنبأ بأية فوائد أو بأية مصائب للبشرية تنتج عن هذين الحدثين العظيمين( )، ولعل الأجواء العالمية آنذاك كانت حبلى بالكثير من الغيوم الملبدة التي تحمل لسكان العالمين القديم والجديد معًا زخات من الأحداث التي غيّرت معها وجه الكرة الأرضية وحياة قاطنيها، فقد كان سقوط غرناطة 1492م هو بوابة اجتياح القارة الأفريقية من قبل قوى جديدة مشحونة بالطاقات المؤثرة التي تولّدت من أنحاء دول البحر المتوسط تحت إطار التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري، والذي وإن كان قد دخل القارة الأفريقية خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، إلا أنه كان حلقة من حلقات التقاء فكري وسياسي وعسكري لأبناء قارات المسكونة –القديمة– أوروبا وأفريقيا وآسيا. حيث كان من نتائج القدوم العربي لأفريقيا وما تبعه بعد ذلك من انتشار الإسلام في الثلث الشمالي من قارة أفريقيا أن دخل جزء كبير من هذه القارة في صميم التاريخ الإنساني أكثر من أية فترة تاريخية أخرى،( ) فكان ذلك عاملًا مساعدًا في تحول الالتقاء الفكري الأورومتوسطي الذي مثّل البحر المتوسط حاجزًا سياسيًّا يحول بين تأجج الصراع السياسي والفكري الذي ظل طويلًا بين الإسلام والمسيحية إلى صرعنته من جديد.