وصف الكتاب:
أحدثت موجة “الثورات” التي اندلعت في عدد من البلدان العربية إرباكاً لصانعي القرار في السياسة الخارجية للدول الكبرى وبخاصة الدول ذات المصالح الحيوية في المنطقة العربية، واستحوذت الولايات المتحدة الأمريكية نصيب الأسد فيما مثلته تلك التغيرات الجذرية التي أطاحت بحكومات تلك الدول في فترة وجيزة لا تتجاوز الأسابيع أو الشهور من طارئ جديد أمام السياسية الخارجية لها ولما تمتلكه الولايات الأمريكية من نفوذ ومصالح حيوية واسعة في المنطقة تفوق مصالح الدول الغربية وبقية دول العالم، سارع صانعو السياسة الخارجية الأمريكية في البحث عن حلول من أجل إدارة واحتواء ما استجد على الساحة العربية من تغيرات جذرية أطاحت بأنظمة، دائما ما وصفت بأنها حليف قوى للإدارة الأمريكية. ودفعت هذه التغيرات الإدارة الأمريكية للتعاطى مع ما حدث فى بعض من نواحيه، باعتباره أزمة استجدت على نفوذها في المنطقة، وذلك رغم اختلاف كل حالة عن الأخرى واصابت هذه التحولات السياسية الجذرية في البلدان العربية وما تبعها من تحولات على المستويات كافة، الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية، سياسة واشنطن ورؤيتها الإستراتيجية بارتباكات قوية أخرجت معها قدراتها وديناميكياتها وآلياتها واستراتيجياتها عما كان مُعد له مسبقاً. فمع تتبع ومراقبة ردود الفعل الأمريكية الأولية تجاه هذه التحولات وتطوراتها، وكذلك التحليلات الأكاديمية والأمنية، سيجد بالطبع أن ثمة انطباعاً بأن صدمة ما تعرضت لها السياسية الخارجية الأمريكية وكذلك مراكز صنع القرار، دفعها للسعي والبحث عن آلية واتجاه يمكن لها من خلاله التدخل بشكل أو بآخر في عمليات التحول أو على الأقل في مخرجاتها الانتقالية، تمهيدا للحفاظ على مصالحها الحيوية .