وصف الكتاب:
تعد الظاهرة التكفيرية من الظواهر التي تشهدها المنطقة العربية منذ عدة عقود، ومع تطورها في السنوات الاخيرة أصبحت تشكل خطرا كبيرا على الشباب، ومن ثم المجتمعات . ويناقش د. أحمد رفيق عوض، الأديب والمفكر الفلسطيني، واللواء الدكتور محمد المصري، رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، هذه الظاهرة في الطبعة الجديدة من كتاب "الظاهرة التكفيرية.. وماذا بعد؟!" عن المكتب العربي للمعارف، الذي صدر في 184 صفحة من القطع الكبير. التكفير عارض تاريخي، ويمكن اعتباره ايضا باروميتر لقياس صحة وعافية كل مجتمع وكل نظام سياسي، ولهذا، فإن التكفير باعتباره موقفا عصابيا، على المستوى السيكولوجي والسوسيولوجي وصولا إلى المستوى السياسي، سيتكرر ظهوره كلما لحق بالمجتمع الضعف أو المرض أو التراخي، وكلما فشل النظام السياسي في اجتراح مقولة سياسية وفكرية قادرة على الرد والتحدي والإشباع. مواجهة الظاهرة التكفيرية وما نتج عنها من عنف في محيطنا العربي ومن ثم الإسلامي باتت واجب الوقت، وإن ما شهدته وتشهده منطقتنا العربية والإسلامية على مدى السنوات السابقة، منذ عام 2010 م وحتى الآن، لهو دليل كافٍ على أن التكفير نتيجة وليست سببا، بل يمكن القول إن المقصود من كل ما جرى هو دفع المنطقة وشعوبها إلى الانتحار ومن ثم الاندثار، ولا ندعي هنا وجود مؤامرة لنفي أمة العرب والإسلام من التاريخ، ولكن ما يدفعنا إلى ذلك القول هو أن نتيجة الأحداث والصراعا حتى الآن، هو توفر المزيد من الأسباب التي تدفع إلى اتخاذ القرارات المتطرفة والمجنونة والتكفيرية. في هذا الكتاب حاول المؤلفان أن يطلقا صيحة تحذير بأن الصواب والخطأ ليسا حكرين على طرف بعينه، وأن التكفير بالقدر الذي ندينه تماما، إلا أن هذه الظاهرة بالذات تدعونا إلى اليقظة والدأب والحكمة وتحدونا دائما إلى تأسيس علاقة صحية ومرنة مع جمهور الشباب المصري والعربي بشكل عام ، فالنظام السياسي لا يحتكر الصواب دائما، ولا يفعل المطلوب منه دائما، فمسئولية النظام السياسي مسئولية عظيمة لا تتوقف على الحفاظ على نفسه فقط، بل على مقدرات الشعب وسيادته وحريته وأمنه ورفاهيته، هذه هي مسئوليات كل نظام سياسي، فإذا اختلت إحدى هذه الشروط، فعليه أن يتوقع كل شيء. هذا الكتاب حاول رصد الظاهرة من الداخل ومن الخارج، حاول أن يجد منافذ للتسوية وللفهم والتفهم، حاول أن يعيد الاعتبار إلى التأمل بديلا عن الرفض الكامل، وحاول أن يقول من موقع المتألم ودافع الثمن أيضا، دفع ثمن تجارب شهدها هؤلاء أمام أعينهم من موجات التكفير المتتابعة، ومن خلال ايضًا وجود الاحتلال الإسرائيلي الذي يجر المنطقة كلها إلى التطرف، وأن هذا الاحتلال ما كان له أن يعيش كل هذه المدة لولا أن بعض الأنظمة العربية لم تعتبره تهديدا حقيقيا لها. إن تطور التيار التكفيري إلى درجة إعلان الخلافة (بما في ذلك تكفير الناس والحكام) يعني أن هذا التيار يأخذ الإقليم العربي والإسلامي إلى مرحلة تاريخية جديدة قد تتمخض عنها نتائج لم تكن بالحسبان، وبغض النظر عن علاقات قوى التطرف الديني أو هوية مؤسسيها أو حقيقة أهدافها (غامضة أم واضحة) فإن من الجلي أن داعش وأخواتها وغيرها لن تختفي في ليلة وضحاها، إذ إن بقاءها- بسبب صلابتها أو بسبب السكوت عنها- يعني أن التنافس الدولي والإقليمي سيبقى هو العامل الأكبر في المشهد العربي والإسلامي. إن ذلك يلقي بمسئوليات جسيمة على المجتمعات العربية والإسلامية لحماية إسلامها وأراضيها وقرارها وثرواتها من الاحتلال والعبث والمصادرة، والمراهنة على قوى ونخب عربية وإسلامية قادرة على إيجاد الصيغ المبدعة للتوفيق ما بين ثقافة الجماهير وأهدافها دون تطرف أو تعصب أو تكفير، وصيغ قادرة على الرد على الغزو والاستلاب والتبعية، فما كانت الظواهر التكفيرية توجد لو كان هناك تيار عربي وإسلامي قادر ومتوازن وقوي.. تبدو النصائح هنا غير ذات جدوى في خضم لحظة تاريخية محتدمة ومحتقنة، الكلمة الأخيرة فيها لما يفرزه الواقع، وإذا كنا ندرك أن الظاهرة التكفيرية لا مستقبل لها، كما رأينا في التجارب التاريخية السابقة، فإن هذا يعني أننا نرى ونستشف ميلاد أو ظهور تلك القوى الفاعلة المؤمنة بدينها وشعبها ووطنها، وتؤمن بقدرتها على المساهمة في تنمية الإقليم والمساهمة في استقراره.