وصف الكتاب:
من ينظر إلى التاريخ, وبالأخص الإسلامي منه, يلاحظ ظاهرة مستديمة التكرار هي ظاهرة انتحال الباطل لمقولات الحق, والتي تبدو شاخصة منذ بدء الرسالة السماوية. وتستمر هذه الظاهرة بعدئذ في أشكال صور شتى, أبرزها انتحال الخلافة تحت ذرائع لا تقوى أما الحجة الإلهية الواضحة (في عشرات النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والوقائع التاريخية) التي تمّ التصرف بها جميعاً من قبل جماعات, وبالشكل الذي بدأ يتكشف بوضوح أمام منطق التاريخ بكل أدواته المعرفية في الزمن الحاضر. وقد جرى التنظير لهذا الانتحال منذ أيام الخلافة الأولى, واستمر لما بعدها في الحقبتين الأموية والعباسية اللتين تعدت الانتحالات في غضونها الصعيد السياسي إلى الصعيد الفكري العام بما فيه العقائدي والأدبي وعلى نطاق واسع أفضى إلى غموض وتشويش لمجمل الوقائع التي جرت في صدر الإسلام وما يليه, وكان للساسة المنتحلين من خلفاء جبابرة وبطانة حاكمة يقصدهما حاشية فكرية منتفعة الدور الأكبر في هذا الأمر الذي انتهت عاقبته إلى تشرذم المسلمين إلى فرق وأحزاب متخاصمة ومتحاربة, ولا زالت هي كذلك من بعد مضي أكثر من ألف وأربعمائة عام. وحول موضوع الانتحال يأتي هذا الكتاب الذي يتطرق المؤلف من خلاله وبشكل خاص إلى ما ينتحله الإدعاء لدى جماعات محددة في أوساط إسلامية في دول عربية. ويقول المؤلف بأنه باقتصاره على ذلك فبدافع يتعلق به وبالذين انضووا تحت لواء الفكر القصيدي الذي يحاول جاهداً الإمساك بالحقيقة الضائعة بين ركام الاعتباط النفعي الذي هو السبب الأول للكثير من مصائب المسلمين.