وصف الكتاب:
هذه بحوث كنت قد نشرت بعضها في كتيبات ومقالات، رأيت جمعها كلها في سفر واحد لتكون أمام القارئ مترابطة في وحدة شاملة هي في موضوعها منها في الصميم، فلا يضطر القارئ للرجوع إلى اكثر من مرجع في موضوع واحد. وإذا كنت قد سميتها (في خضم التاريخ)، فلأنني من أجل الوصول إلى حقائقها كنت أخوض لججاً متلاطمة يعصف في بعضها التزييف وفي بعضها التجهيل، وتضيع في بعضها الحقائق في أغوار الأباطيل. وحقيقة الأمر أن في تاريخنا ثلاثة أحداث كاسحة قل إن عانت الأمم نظائر لها، هي اجتياح المغول والصليبيين والبرتغاليين أوطاننا، اجتياحاً كان يراد من الواحد منه أن لا يبقى ولا يذر، ولكن أجدادهم الذين لم يبقوا ولم يذروا في من أراد بأوطانهم شراً، فأسلم المغول وانجلى الصليبيون وانخذل البرتغاليون، وعادت الأوطان سليمة معافاة. وقد كان علينا أسلافاً وإخلافا أن نعني بتدوين أخبار تلك الأحداث في تفصيلاتها ودقائقها وأصولها وحقائقها. ولكننا لم نفعل، وكل ما عني به من كتبوا عنها ماضياً وحاضراً هو أن اتخذوا منها سبيلاً سلكوه إلى تشويه من يبغون تشويههم ولو بالباطل وتجميل من يحبون تجميلهم ولو بالطلاء والتمويه... وفي هذه الأوراق محاولة للتبسيط بعض التبسيط في الاجتياح المغولي لا أزعم أنها تسد الفراغ المطلوب سده، بل هو تساهم مساهمة متواضعة في الوصول إلى ذلك.