وصف الكتاب:
ينتمي مؤلف هذا الكتاب إلى الإنسانية بمفاهيمها الكلية، من خلال انتمائه الديني، ومن الجزئيات التي تحركه، كما ينبئ بأن السبب الرئيسي الذي دفعه إلى وضع هذه القصائد، والغاية الأخيرة من وضعها، آخذان من حقيقة واحدة هي الرغبة المشكورة في الإضاءة على الجانب الخير من المبادئ الروحية عموماً، وعلى التناقض بين أصحاب العقول النيرة والقلوب الخيرة والضمائر الصافية والمشاعر الصادقة من معتنقي هذه المبادئ من جهة، وأولئك الذين تحركهم المطامع الخاصة والمنافع الشخصية وما أكثرهم، من جهة ثانية. إن المؤلف بأسلوبه هذا يعلن ولاءه للقيم الإنسانية المتمثلة بأصحاب السير المثالية وفي طليعتهم الإمام الأعظم علي بن أبي طالب صاحب الضمير العملاق والنزعة الإنسانية المتفوقة، عبقري العقل والروح الذي يؤسس بأعماله وأقواله لوحدة كونية شاملة، والذي يدعوه إحساسه العميق بقيمة الحياة وفهمه الدقيق لأحوال الإنسان إلى أن يرحم من يقاتله ويريد له الشر والهلاك وفي قدرته، كما في مألوف البشر جميعاً، أن يعامله بالمثل، ولكنه لا يفعل، بل يتعطف ويرأف ويبسط على من يعاديه جناح الرحمة. والدفاع عن المضمون الإنساني في جوهر الدين، نواكبه في قلب الشاعر وعلى لسانه ثورة على الطغيان في مسلك أصحاب السلطان ومحترفي "السياسة" بمفهومها الأرعن رغبة في التسلط وطمعاً بالمغانم: أعداء العدل والحق والخير، وأنصار الظلم والباطل والشر. وهو في الثورة ذو صوت مرتفع ونبرة حارقة وصدق لا مرية فيه. وقصائده في هذا الباب تحمل الكثير من هموم الناس عبر مسلسل التاريخ الذي لا يتجزأن فإذا فصوله في هذا الزمان تتمة لفصوله في الأزمنة السابقة، وهي فصول في حكاية واحدة.