وصف الكتاب:
عندما تنبت للغة أجنحة يصبح الخوف عليها ضرورياً لئلا تغادر أرضها وشعبها.. وعندما يصنع الأنداد لها قفصاً لسجنها يصبح التغريد بها مأساوياً.. فكيف بها إذا كان السجّان وصانع القفص من أبنائها؟ ما يجيب عنه هذا البحث جملة من الأسئلة المكثّفة حول اللغة العربيّة في تاريخها ومسيرتها وحياتها الراهنة ومستقبلها الضبابي، في ظلّ ظروف الإبتلاع والإلغاء والتغيب. أسئلة تدور حول واقع الأمّة ولغتها من خلال طرح الإشكاليّة العتيدة ``دور اللغة في بناء المجتمع وتطوره``. عهدنا أن نقلب المعادلة فنقول: ``دور المجتمع في بناء اللغة وتطوّرها`` لكن إشكالية بحثنا هذا تعكس القضية، وتسند إلى اللغة دوراً خطيراً هو بناء المجتمع وتطوّره. تمتدّ هذه الإشكاليّة إلى التعميم: دور اللغة، أي لغة، في المجتمع، أيّ مجتمع. كما تمتد إلى لفظة ``بناء``، أيضاً أي نوع من البناء؟ وكان لا بدّ من حصر هذه الإشكاليّة لتجيب عن دور اللغة العربيّة في بناء المجتمع العربي وتطويره في الزمن الراهن. وهي مهمّة يجد الباحث خطورتها في هذا الظرف الدقيق الذي تجتازه الأمّة العربيّة، وفي هذا الواقع المريب الذي يتردّى به المجتمع العربي. لكنّ ``لغة الضاد`` تسهّل على الباحث الكثير من مشقّات هذه المهمّة التي وظيفتها الحفر داخل اللغة بتلازمها بالداخل الإجتماعي. تسهّل المهمّة لقدرتها الكامنة فيها ولغناها وقدسيتها وتسوّرها والمزايا التي تكوّنها، بحيث تصبح هي والإنسان العربي توأمين، بل واحداً، يصنع كلّ منهما الآخر، ويمضيان في رحلة الحياة متوحدين. هذا ما يكشف عنه البحث في ثناياه، ليثبت قابليّة اللغة وإمكاناتها على تجديد البناء، لأنّها لم تعد لغة بحروف وألفاظ وعبارات، بل أصبحت بشراً يتحرّكون ساعة يشاؤون. لقد جهد البحث في حلّ هذه الإشكالية، فبيّن الدور التاريخي للغة العربيّة في بناء المجتمع، حيث وجد أن الأمة العربيّة واللغة نسيج واحد في بناهما الذهنيّة والنفسيّة والماديّة، مستعيناً على ذلك بعلم النفس وعلمائه، وعلم الاجتماع ومنظريه، وعلم اللغة وأبرز روّاده.