وصف الكتاب:
لا نعرف رواية عربية لقيت من إقبال النقاد وعنايتهم ومدارستهم وتنوع محاولاتهم-وربما قلنا: ومطارح تهويماتهم-ما لقيته رواية الطيب صالح: "موسم الهجرة إلى الشمال"، إذ استطاع الطيب منذ "دومة ود حامد" أن يختط لنفسه نسقاً لافتاً في الكتابة الروائية، وأن يبلغ في "موسم الهجرة" على الرغم من أنها ذات موضوع مألوف قد جرى التمرس به قبله من زوايا مختلفة-قمة الإحكام والتناسب في استخدام ضروب التقنية القصصية الصالحة لروايته، مع بساطة ظاهرية مغرية خادعة. فإذا جاء الدكتور "محمد شاهين" يتناول هذه الرواية بالدراسة مستأنفاً، فلا بد أن يكون لهذه المحاولة الجديدة أسبابها الخاصة بها. ونحن هنا نضع -على نحو افتراضي-أسباباً ثلاثة، متدرجة طراداً بحسب قوتها. أولاً: أن "محمد شاهين" أدرك أن لقاءه الأول بالرواية كان-بحسب اعترافه-ظالماً لها في التفسير والحكم والتقدير، فهو بهذه الدراسة الجديدة يحاول أن يستدرك ما فانه من إنصاف، وأن يرضي نفسه المحبة للإنصاف أكثر مما يرضي الآخرين.