وصف الكتاب:
تهدى لينا هويان الحسن روايتها إلى السيدة "نَسْليهان.أ.ل" التى روت لى حكاية جدتها الكرجية – أى الجورجية - والتى استعرت منها اسمها التركى الذى يعنى "الشرفاء الذين من نسل السلاطين". لعل ملامح "بنت الباشا"، تشكلت وأنا أتتبع إصبعك النحيل، الذى يختزل تاريخاً عريقاً من الأرستقراطية الدمشقية، قبيل أن تتداعى أو تحتضر.. بشغف كبير التهمت عيناى ألبوم صور عائلتك الفريدة. لا يمكن للنسيان أن ينزع صوتك المرتجف وأنتِ تشيرين إلى تلك الوجوه المطمئنة، فى تلك الصور. تحاولين تذكر الأسماء، لأنك تعلمين أن الوجوه لا تكتسب حضورها دون الأسماء. كيف لى أن أتجنب إغواء صوتك فيما كنت تمنحين كل اسم حكايته، كان الأهم من تذكر الأسماء، تذكر ما حدث لكل وجه. فى صورة واحدة اجتمعت كل ديانات دمشق لتلتقط صورة، "المسلمة، والمسيحية واليهودية"، والأكثر غرابة كانت امرأة خجولة ترتدى ثياباً شرقية لا تشبه بالمطلق الثياب الأوربية التى تنسكب على أجساد باقى الفتيات فى الصورة. الدهشة الحقيقية عندما علمت أنها :"صُبيّة"، أى تنتمى للصابئة؟! أيضاً تلك المرأة الشقراء الطويلة القامة، مزهوة بثوب ديكولتيه فاخر، من هى؟ أسأل: إنها بارونة روسية فرّت من المذبحة التى أعلنها البلاشفة على النبلاء. تلك البارونة درّست الموسيقى فى مدارس دمشق، ودفنت فى إحدى مدافتها المسيحية. ليس إهداءً، إنما امتناناً، لكل تلك القهوة التى حضرتها لنا "ك"، فى صيف 2007 فى تلك الباحة المظللة بشجر الليمون، فى منزل السّت ناسلي، الدمشقى العبق، الكائن فى طالع الفضة، أزعم أنى حاولت تطويع اللغة لأكتب أكثر من سيرة فى هذه السردية. باعتبار الكتابة كما أعلن سقراط ذات يوم: "شراب نسيان"، لهذا لا يحق لنا كتابة كل شىء، فهنالك أشياء ستفلت من التدوين بخفة السحرة، وتزوغ من أبواب خفية، لتكون بحد ذاتها حكايات أخرى جديدة.