وصف الكتاب:
أبو نواس، الحسن بن هانئ بن عبد الأول الحكمي بالولاء، شاعر من شعراء العصر العباسي الكبار. ولد في خوز الأهواز، ومات أبوه وهو صغير، فانصرفت أمه إلى حياة رخيصة لاهية مسلمة ابنها إلى عطار يعمل في حانوته، فتعرف على والبة بن الحباب فحمله إلى الأهواز ثم إلى الكوفة. تتلمذ أبو نواس على والبة في الشعر وحينما ذاع صيته أمّ بغداد ومدح البرامكة وآل الربيع، وقيل إنه اتصل بالرشيد ومدحه، ثم رحل إلى مصر ومدح واليها الخصيب، ثم عاد إلى بغداد ومدح الأمين. انصرف أبو نواس إلى شعر المجون وأدمن الخمرة وبرع في وصفها ووصف مجالسها، فأسقط شعره في ميزان الذين يرون أن الشعر يجب أن يكون مثله الأعلى الخلق النبيل، وأن الشاعر ينبغي أن يكون بعيداً عن السقوط في بؤر الفساد الخلقي. والحق أن أبا نواس قد أكثر من ذكر الفواحش، ولم يتورع عن الاعتراف بارتكابها، وأبشع هذه الفواحش اللواط، كما أكثر من المجون واستعمال الألفاظ البذيئة في شعره. ولكنه رغم ذلك نال مكانة عالية في الشعر فتغاضى له بعض النقاد الكبار عن أخطائه واهتموا بنقد شعره بعيداً عن قواعد الالتزام الخلقي مهتمين بقيمة الشعر الفنية فكان في نظرهم الشاعر الكبير، يمثل هؤلاء النقاد المعجبين بالنواسي الجاحظ الذي يقول: "أبو نواس حلّ من الطبع بحيث يصل شعره إلى القلب بغير إذن"، وقال: ما رأيت رجلاً أعلم باللغة ولا أفصح لهجة من أبي نواس. طبقة من النقاد فصلوا أبا نواس الشاعر عن أبي نواس الماجن المتهتك فأعجبوا بشعره، وطبقة رأوا الشعر التزاماً كما الحياة فرفضوه شاعراً كما رفضوه في مجونه وتهتكه واستهتاره. أما ابن منظور في مؤلفه الذي بين يدينا فوقف منه بعيداً ذاكراً حياته وما فيها، مورداً شعره المتهتك وشعره العالي الرفيع. وقدم دراسة بسيطة لبعض ما كتب أبو نواس، وحلل ما خطه من أبيات وقصائد، وذكر أيضاً مناسبات بعض القصائد، كما واستشهد بالعديد من القصائد والأبيات الشعرية، ليؤكد على صواب نظرته التحليلية وهو بين العين والآخر يتوقف عند بعض المناسبات لتحليل مادتها والذكر خصوصياتها...