وصف الكتاب:
المجتمع المسلم هو مجتمع متميز عن سائر المجتمعات بمكوناته وخصائصه، فهو مجتمع رباني، إنساني أخلاقي، متوازن. والمسلمون مطالبون بإقامة هذا المجتمع حتى يمكنوا فيه لدينهم، ويجسدوا فيه شخصيتهم، ويحيوا في ظله حياة إسلامية متكاملة: حياة توجهها العقيدة الإسلامية، وتزكيها العبادات الإسلامية، وتقودها المفاهيم الإسلامية، وتحركها المشاعر الإسلامية، وتضبطها الأخلاق الإسلامية، وتجملها الآداب الإسلامية، وتهيمن عليها القيم الإسلامية، وتحكمها التشريعات الإسلامية، وتوجه اقتصادها وفنونها وسياساتها: التعاليم الإسلامية. فليس المجتمع المسلم، كما يتصوره أو يصوره الكثيرون، هو فقط، الذي يطبق الشريعة الإسلامية في جانبها القانوني، وخصوصاً جانب الحدود والعقوبات، فهذا تصور وتصوير قاصر، بل ظالم لهذا المجتمع، واختصار لكل مقوماته المتعددة في مقوم واحد هو التشريع، وفي جانب واحد من التشريع هو التشريع الجزائي، أو الجنائي. من هذا المنطلق كان هذا الكتاب الذي يلقي الدكتور يوسف القرضاوي من خلاله الضوء على المكونات أو الملامح الأساسية لهذا المجتمع الذي ينشده المسلمون، والذي قامت حركات وجماعات إسلامية في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي تدعو إليه، ليحل محل المجتمعات الحاضرة، التي اختلط فيها الإسلام بالجاهلية، سواء أكانت الجاهلية وافدة مما غزانا به الاستعمار الغربي بشقيه: الرأسمالي والاشتراكي، أم كانت تلك الجاهلية موروثه، من رواسب عصور التخلف، التي ساء فيها فهم المسلمين لدينهم، كما ساء تطبيقهم له، حكاماً ومحكومين. وقد كان صدر للدكتور القرضاوي كتاب سابقاً تحت عنوان: "غير المسلين في المجتمع الإسلامي"، والذي يمثل في الحقيقة جزء من هذا الكتاب. والهدف أن يكون في هذه الفصول ما يساعد على كشف اللثام عن معالم هذا المجتمع الذي ترنو إليه الأبصار، وتشرئب نحوه الأعناق، وتتعلق به القلوب.