وصف الكتاب:
إن كتاب "الإرشاد إلى سبيل الرشاد" لمؤلفه الفقيه محمد بن أحمد ابن أبي موسى الهاشمي، من الكتب المهمة التي ألفت في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل من علماء الحنابلة المتقدمين الذين لهم قول معتمد في المذهب. وقد تميز هذا الكتاب عن غيره من كتب الحنابلة بصغر حجمه، وسهولة عباراته، ووضوحها، واعتنى مصنفه بذكر الأقوال والروايات عن الإمام أحمد رحمه الله، ولم يكتف بذلك، بل كان يرجح فيما بينها، ويختار بعضها أحياناً بقوله: "وهوة اختياري"، وأحياناً يقول: والذي عليه العمل عندي"، إلى غير ذلك من العبارات المبثوثة في معظم أبواب الكتاب. ووشى كتابه بذكر الأدلة من الكتاب والسنة، وبذكر التعليل لبعض الأحكام. وتميز هذا الكتاب بأن مصنفه ذكر في أوله باباً في الاعتقاد على غير عادة مصنفي الكتب الفقهية، سماه: "باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب الديانات" ضمنه مسائل في الاعتقاد، ثم أتبعه بباب فضل العلم والتفقه في الدين، وذكر العام والخاص، وما ظاهره العموم والمراد به الخصوص، وما ظاهره الخصوص والمراد به العموم، وذكر الأصول التي عليها مدار الفقه، وما في معنى ذلك، وأورد المؤلف في آخره باباً جامعاً ذكر فيه جملاً من الفرائض والسنن المؤكدات، والرغائب، والآداب، فجعله باباً مختصراً طوى فيه نشر ما بسطه في أبواب الكتاب، ليقدم لطالب العلم من خلاله خلاصة مقتضبةً ينتفع بها. وتتضح أهمية الكتاب في اعتماد الكثير من علماء الحنابلة ومصنفي الكتب الفقهية في المذهب قول ابن أبي موسى، ونصّهم على اختياراته، وإيرادهم نقولاً كثيرةً عنه. فقد نقل عنه صاحب "المستوعب" نصر الدين السامري، ونقل عنه صاحب "الإنصاف" علاء الدين المرداوي، ونقل عنه موفق الدين المقدسي نقولات كثيرة في "المغني"، والحجاوي في "الإقناع"، وابن قاضي الجبل في "الفائق"، وغيرهم. هذا كله جعل من الأهمية بمكان تحقيق كتاب "الإرشاد"، خاصة وأنه لم يطبع من قبل، ليتسنى لطلبة العلم الاستفادة منه.