وصف الكتاب:
“بروفا” هي رواية سياسية، برغم ان الكاتبة تعمدت عدم الدخول المباشر في الدهاليز، أو المسّ برموز النظام عبر شخوصها كما في روايتيها السابقتين “أبنوس” و”حراس الهواء”، تاركة لقارئها تلقف بعض “اللطشات” المدروسة والمنثورة بعناية تكتيكية بين الفصول علّها تذوب في طيات السطور والحوادث المتوترة وتختفي. لم تشأ كتابة الرواية بصيغتها النهائية، فاكتفت ببروفا عنها. مَن كاتبها النهائي إذاً؟ أليس هو القارئ الذي تعوّل عليه كثيراً، وبذكاء مضبوط ليضع النهاية التي يشاء لقصة وطن آخر بنظام حكم آخر؟ ماذا عن الشباب السوري اليوم؟ أليس شجاعاً هذا الذي ينزل الى الشارع ليرفع نبرة الاحتجاج عالياً بعدما تعمّد النظام كمّ أفواهه بـ”ضربة مطرقة” لا علاقة لها بقراءة الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز لشذرات نيتشه؟ هو وحده جيل الشباب بدءاً من سبعينات القرن الفائت الى اليوم، المشارك في “لعبة” الكتابة، وما تفعله هي يقتصر على “التوجيه” من خلال الهوامش الفكرية الكثيفة التي تتذيل بها الفصول، الى جانب الملاحظات التقنية اللازمة فنياً “يطوعها” الاسلوب في خدمة اللغة العميقة، الجذابة أحياناً، والأفكار “غير المؤدلجة” المتصارعة بعنف مع إيديولوجيا النظام السوري. والشخصيات التي تتكلم عنها الرواية، أو بروفا الرواية، تمثل تشظّي الشباب كما تشظّي المجتمع برمته، وحيواتها الممزقة والقلقة ومصائرها الدرامية، كما خياراتها المختلفة والقصوية، تبدو واضحة في السرد. مهيار السالمي، ومن خلال علاقته الشائكة مع أمه المقعدة هالة السماقي يدخل في دوامة علاقة مريضة مع جسده ومع الجنس الآخر، فيما تتجه أمه من تربيتها الدينية المغلقة إلى فضاءات علم الطاقة والإيمان الميتافيزيقي كمحاولة للخلاص من أسر الجسد. صبا عبد الرحمن تهرب من علاقاتها الفاشلة والمؤلمة مع الرجال إلى نوع من الإباحية الجنسية التي تنتهي بثبات غير ثابت. أما هاني عباس فمأسور بحب محرم مع أخته التي تهرب بدورها من علاقة حب فاشلة إلى أقاصي الأرض لتتزوج بشاب ثري يتبدى في النهاية أنه مثلي. والأيهم يتخبط في عمله وعلاقاته وطموحاته المتهالكة.