وصف الكتاب:
يحكي الكاتب في روايته هذه ويقول " وُلدت في بلدة كردية سورية اسمها عامودة، بلدة المليون شاعر، ولا يضاهيها في هذا الرقم الشعري داخل بلادنا سوى مدينة السلمية. تقلّدت عامودة هذا اللقب بعد حريق سينماها الذي أودى بحياة 285 طفلاً في 13 نوفمبر 1960، لأن دار السينما الطينية، واسمها "شهرزاد"، كانت تعرض فيلماً مصرياً لدعم ثورة المليون شهيد في الجزائر، قبل أن تلمس شرارة من جهاز العرض القديم الستائرَ المصنوعة من الخيش وتشبّ النار في قش السقف وعوارضه وكراسي الخشب داخل الصالة المكتظة بتلاميذ المدارس. بسبب ما سمعتُه في صغري من قصص هذا الحريق، كالذين أفلتوا من اللهب حين قفزوا من النوافذ فهووا في البئر أو شوَتِ النيرانُ أجسادهم الغضّة حتى شمّها أهالي القرى القريبة فأتوا على عرباتهم مسرعين لاعنين جمال عبد الناصر، أيام الوحدة بين الشقيقتين سورية ومصر، بسبب هذا الحريق الذي اندلع وخمد قبل ولادتي بسنين عديدة وقُيّد في ملفات الشرطة "ضد مجهول"، ظللتُ لوقت طويل أخشى النقاط البيضاء المتراقصة على أطراف الشاشة أثناء عرض الأفلام، وكنتُ عند النظر إلى بياض الشاشة الكبيرة، قبل إعتام الصالة وبدء الفيلم، أبصر الذباب الطائر الغريزي فأتوهّمه نوعاً من تلك الشرارات الفتّاكة وليس نذيراً بانفصال شبكيتي الوشيك، ولا أزال إلى الآن أتفقّد أولاً مخارج الطوارئ في صالات السينما وأتأكد من مواضعها قبل بدء العروض.