وصف الكتاب:
أصبحت دراسة العلاقات بمعناها الواسع، سياسية كانت أم اقتصادية أم ثقافية، بين دولة وأخرى، لها أهمية كبرى في معرفة قوة الشعوب والأمم، وفي مدى الازدهار أو البوار الذي تتصف به دولة أو أخرى، كما أنها دليل على صلاح أداة الحكم أو فسادها، ومؤشر يضع يدنا على سلامة الخط السياسي ووحدة الجبهة الداخلية أو انقسامها. وعلى الباحث في هذا الميدان أن يغوص في أعماق المجتمعات وفيها يشكل حياتها من نظم سياسية واقتصادية وغيرها، بل ربما يدرس البيئة الطبيعية والجغرافية، كي يتعرف على طبيعة العلاقات بين الأمم والشعوب ويصل إلى العلل التي تؤدي إلى الغلبة والانتصار أو إلى الهزيمة والدمار ويضع يده على الأسباب التي تؤدي إلى انتصار حضارة أو انحسار أخرى. من هنا تنبع أهمية دراسة العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية، فهي تضع يدنا على مفاتيح القوة والضعف في هاتين الدولتين وهي في ذلك كالمرآة، نرى فيها مجتمعات شبه الجزيرة على حقيقتها ومدى ما كان فيها من وحدة وتفرق، وفضائل ونقائص، وعدالة أو ظلم وغنى أو فقر ورقي الحياة أو انحطاطها، لأن ذلك كله ينعكس على علاقات دول شبه الجزيرة الإيبيرية مع بعضها البعض، سواء في الميدان السياسي أن في ميدان الحضارة، لا سيما وأن هذه العلاقات مرت بثلاثة عصور مختلفة متمايزة: عصر الإمارة الأموية، وعصر الخلافة الأموية، وعصر ممالك الطوائف. وكل عصر من هذه العصور، له نظمه السياسية ومظاهره الحضارية التي تميزه عن غيره من العصور.