وصف الكتاب:
تأخذ مشكلة هذه الدراسة أبعاداً مختلفة، حيث تبدأ من مسألة تحديد مفهوم الإنسان، لإنه الأساس الذي تعتمده هذه الدراسة انطلاقاً من الاعتبار الذي ذكرناه سابقاً، منظوراً إليه ككائن حي معنوي وليس مجرد كيان مادي، مما يمكن القول مؤكدين بأنه ليس يستحق الحقوق كلها، بل إن الحقوق جميعها، ما تقررت أصلاً إلا من أجله فهي له، لذا تدخل الدراسة في ضوء ذلك في مشكلة أخرى وهي تحديد ماهية الحق بشكل عام وما عرف أو وصف بأنها حقوق الإنسان. وحيث أن حقوق الإنسان شأنها شأن سائر الحقوق لها طرفان وطرفاه هما: الأول، هو الإنسان نفسه الذي له حقوق ويريد التمتع بها، والثاني، هو المجتمع الذي عليه الاعتراف بحقوق أفراده والسهر على حمايتها وإفساح المجالات الرحبة أمامهم للتمتع بها. ومن البديهي أن الدولة بمؤسساتها المختلفة هي الصورة الواقعية للتنظيم السياسي للمجتمع، لذا تكون الدولة هي الطرف الثاني والرئيسي في الموضوع. وفي ضوء العناصر التي تشكل موضوع هذه الدراسة، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على أن حقوق الإنسان ثابتة ومرتبطة بوجود الإنسان نفسه، فهي ليست محددة من حيث التمتع بها داخل دولة دون أخرى. فإن هذه الدراسة تهدف التأكيد على عالمية حقوق الإنسان، أي كونيتها، وهي أهم خصائصها، لأنه من غير المعقول أن يتمتع الإنسان بحقوق في دولة دون أخرى، فأينما يتوطن أو يقيم، لا بد من تمتع بحقوقه الإنسانية، لأن إنسانيته دائمة وقائمة في كل الأحوال والأزمان والأمصار ما دام حياً، أما خلاف ذلك فيشكل خرقاً للمبدأ الأساسي، وهو ثبوت حقوق الإنسان ابتداءً. لذا واستكمالاً لإقامة نظرية عامة أو تصور عام عن حقوق الإنسان وتحقيقاً للهدف المذكور سابقاً كان من الضروري أن تتضمن هذه الدراسة المبادئ العامة التي تقوم عليها حقوق الإنسان، وهكذا تعمد الدراسة إلى توضيح تلك المبادئ من خلال تطورها في المجتمعات الإنسانية المختلفة على مر التأريخ، إلى جانب توضيح مفهوم الإنسان ومفهوم الحق. كما وتعتمد في منهجيتها، وحسب طبيعة مشاكلها وأهدافها الطريقة التحليلية (Analytic Method) بشكل عام، معتمداً الأسلوب الاستقرائي والاستنتاجي في بعض الحالات، ومن ثم تعتمد الدراسة على أسلوب تقييم المواثيق والإعلانات العالمية ودساتير الدول المتعلقة بحقوق الإنسان ومقارنتها (Comparative). أما خطة الدراسة لهذا المؤلف فهي كما يأتي: الفصل الأول: مفهوم الإنسان. الفصل الثاني: مفهوم الحق. الفصل الثالث: مبادئ عامة في حقوق الإنسان.