وصف الكتاب:
كون الجملة، من حيث البساطة والتّعدّد، بسيطة أو مركّبة أو معقّدة، فالبسيطة تتضمّن عمليّة إسناديّة واحدة، وتتألّف من المبتدأ والخبر، أو الفعل والفاعل، ويمكن أن نصطلح عليها بالجملة المفردة، والمركّبة تتضمّن عمليّتين إسناديّتين، أو هي ما يدخل في بنيتها جملة أخرى تقوم بوظيفة ما، مثل الجملة الكبرى الّتي تتضمن جملة صغرى، ويمكن أن نصطلح عليها بالجملة المزدوجة، والمعقّدة تتضمّن عمليّات إسناديّة متعدّدة يقتضيها السّياق وضروب الإطناب والتوّسعة المختلفة، ويمكن أن نصطلح عليها بالجملة المتعدّدة. وواضح ممّا تقدّم أنّ مقاربة بنية التّركيب في القصيدة هي مقاربة للتّراكيب الشّعريّة في علاقاتها بالمعاني أو الدّلالات وما ينتج عنها من فروق وما تتركه من آثار في المتلقّي، وذلك ما هدف إليه الجرجانيّ بالقول: "واعلم أن ليس النّظم إلاّ أن نضع كلامك الوضع الّذي يقتضيه علم النّحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه الّتي نهجت فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرّسوم الّتي رسمت فلا تخلّ بشيء منها". ويقول في التّعليق على أبيات للبحتريّ: "فإذا رأيتها قد راقتك وكترت عندك، ووجدت لها إهتزازاً في نفسك، فعد فانظر في السّبب، واستقص في النّظر، فإنّك تعلم ضرورة أن ليس إلاّ أنّه قدّم وآخّر، وعرّف ونكّر، وحذف وأضمر، وأعاد وكرّر، وتوخّى على الجملة وجهاً من الوجوه يقتضيها علم النّحو فأصاب في ذلك كلّه ثمّ لطف موضع صوابه وأتى مأتى يوجب الفضيلة".