وصف الكتاب:
انتهت النازية التي مثلت لحظة نماذجية نادرة - بتعبير عبد الوهاب المسيري - لتحقق الرؤية الغربية لتنظيم العالم، لكن المذابح التي تسببت فيها نفس الرؤية لم تنته، فقيل إسقاط النازية قصفت اليابان بقنبلتين ذريتين لأول مرة في التاريخ رغم تأكد هزيمتها واستلامها، وبعد سقوط النازية بسنوات معدودة ارتكب الصهاينة جرائم أبشع ضد العرب في فلسطين، ثم ارتكبت الإمبريالية الأمريكية جرائم عديدة أثناء غزو فييتنام، وأخيرًا وليس آخرًا الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق. ويلاحظ باومان أن جريمة الهولوكوست، وغيرها من جرائم النازية، ارتكبت بتعاون كامل بين مؤسسات العلم الألمانية وبيروقراطية الدولة النازية، وهي ملاحظة يمكن اكتشاف صحتها بسهولة في جميع تجارب الإمبريالية الأخرى خارج أوروبا، ويفسر باومان ذلك من خلال بنية السوسيولوجيا الحديثة التي همشت الإنسان الفرد، ومنظومته الأخلاقية المتجاوزة، لصالح مجموعة من الأوامر التي يصدرها مركز النظام ممثلًا في الدولة الحديثة وبيروقراطيتها، فهذا الكتاب، إذن، له هدف واضح بتمثل في تنبيهنا إلى أن المهمة السياسية الحقيقية هي نقد عمل المؤسسات التي تبدو محايدة ومستقلة بطريقة تزيل النقاب عن العنف والقهر اللذين مورسا دومًا عبرها.