وصف الكتاب:
إن استراتيجية التفكير النقدي عند كانط في حقول المعرفة بدأت من خلال تحليل قدرات الذهن المعرفية، فالمسألة إذن تدور حول إمكان تلقي الموضوع ومعرفته ومن ثمة تعقّل هذه المعرفة، وكل ذلك قبلياً (أي بجثاً في العقل نفسه لا في موضوعاته، إلا أنه لن يكون بحثاً في الشروط السيكولوجية، أو في عوائق المعرفة العلمية، ولا تأريخاً للمذاهب الفلسفية، ولا حتى إنشاء لميتافيزيقا جديدة، بل سيكون نقداً للملكة المعرفية؛ أي تعييناً لشروط إمكان المعرفة القبيلة ومبادىء هذا الإمكان ونطاقه، فليس النقد هاهنا عند كانط نقداً للكتب أو المذاهب الفلسفية والتاريخية، بل نقداً لملكة المعرفة، ألا وهي العقل. إن المشروع الفلسفي الكانطي برمته هو مشروع تفكيكي – بنائي، ومن ثمة تصبح مسألة التفكير مع كانط ضد كانط يمكن خوضها بأمل كبير لا يخل من مجازفة في التحليل والإستنتاج، حتى أننا نجد "بول ري" يقول: "إنك لتشعر في مؤلفات كانط كما لو أنك في سوق ريفية، فبمقدورك أن تشتري منه أي شيء ترغب فيه، فستجد لديه حرية الإرادة وعبوديتها، والمذهب المثالي ودحضه، والإلحاد والإيمان بالرب الخيّر".