وصف الكتاب:
إن التداخل المفاهيمي، بين علم أصول الفقه وغيره من العلوم، أثمر الكثير من الإنجازات والإبداعات التي استحقّت النظر فيها وإبداء الرأي شرحاً وتوضيحاً، وربما نقداً وتصويباً، الأمر الذي حاوله كاتبنا الفاضل ميثاق العَسِر في دراسته هذه التي حاول فيها مقاربة الموضوع مقاربة مقارنة، مستعرِضاً فيها مسيرة هذا المصطلح في الفلسفة والكلام وأصول الفقه، وبقي الهمّ همّاً أصولياً رغم المقاربة الكلامية والفلسفية. محاولة نأمل أن تكون خطوة في مسيرة التطوير العلمي لعلم أصول الفقه. لقد استبصرنا بحث العقل العملي من خلال كلمات علماء أصول الفقه، ورأينا الاهتمام الكبير الذي يوليه هؤلاء الأعلام لحجّية العقل، وما ترتّب على هذه الحجية من أبحاث مفصلية شكّلت النواة الأساس لكثير من البحوث. لاحظنا الكثير من الإخفاقات في مجال التدليل بهذه المفردة، عدنا نتساءل عن السبب ومن ثم العلاج، لكن هذا الأمر لم يكن متسنّياً دون قراءة جادّة لجذور البحث، ليس في كلمات الأصوليين فحسب، وإنما قراءة تضرب بالعمق، لتقرأ جذور هذا العقل في موطن استخدامه الأساس، لأن البحث ليس من صميم اختصاصات الأصوليين، وإنما وفد إليهم من العلوم الأخرى، كالفلسفة وعلم الكلام. ومن ثم كان اختيار عنوان بحثنا يلبّي هذه الحاجة المهمة والأساس في البين. فالعقل العملي وحجيته من الأبحاث الأساس التي يترتب عليها المزيد من النتائج في ميدان البحث الأصولي، وبُنيت عليه الكثير من المقولات التي تشكّل بنفسها ركائز ودعائم لكثير من المنطلقات الأصولية والفقهية، ويزداد هذا البحث أهمية لارتباطه بأبحاث الحداثة المعاصرة وما يطرحه الفكر الحديث من فلسفات خُلقية.