وصف الكتاب:
عني العرب في الجاهلية والإسلام بأنسابهم، فحفظوها ورووها في جاهليتهم، ودونوها في إسلامهم، وأصبحت لديهم علماً له فوائده وقواعده، أما في الجاهلية فقد كانت الأنساب وسيلة تجمع بعضهم إلى بعض، وكانت درءاً يدفعون به كثيراً من الأخطار عنهم، يوم لم يكن لهم دولة تجمعهم وتحميهم، ثم أصبحت آية الشرف، فكانوا يفخرون بأنسابهم، ويعددون مآثر آبائهم. لم يجعل الإسلام للأنساب ما كان لها من شأن الجاهلية، من حيث المفاخرة بها، بل جعل التقوى مكرمة للإنسان، لكن بالوقت نفسه حض على تعلم الأنساب وحفظها، وحذر من ادعائها، لأجل غاية سامية وهي صلة الأرحام، وعدم اختلاط الأنساب، وضياع الحقوق. وقد كان الناس في صدر الإسلام يتعلمون الأنساب كما يتعلمون الفقه، وكانوا إذا قصدوا سعيد بن المسيب للتفقه في الدين، قصدوا عبد الله بن ثعلبة ليأخذوا عنه الأنساب، وكان الخلفاء الراشدون أنفسهم وكثير من الفقهاء من أعلم الناس بالأنساب.