وصف الكتاب:
حين سمعت من أحدهم بأن "الجنيد" قد رجم الحلاج عند إعدامه بوردة حمراء، فتألم لها أكثر مما تألم من جميع الحجارة التي رجمه بها الناس. أعجبني هذا الخبر، وليس مصدر إعجابي أن يتألم الحلاج من وردة، فأخبار الحلاج تعج بطرائف مثل هذه وأغرب. لقد كان مصدر إعجابي وعجبي هو هذا التحدي الكبير لمعطيات التاريخ المتفق عليها، وهي أن الجنيد قد توفي قبل مقتل الحلاج بما يزيد عن عشر سنوات. وبعد أن سمعت هذا الخبر ثانية أصبحت في شوق إلى معرفة مصدره، وهكذا بحثت ووصلت إلى "السيرة الشعبية للحلاج-قصة حسين الحلاج"، ورأيت فيها مادة خصبة، وما بدأته هو التعرف إلى شخصية الحلاج الأسطورة أو الرمز، ومعرفة موقع هذه الشخصية في الوعي الشعبي، هذه المعرفة التي لا تقل أهمية -إن لم تكن تفوق- عن مسألة التلمس، عبر الوثيقة التاريخية وذلك لأن هذه الشخصية ميتة في الوثيقة، وحية فاعلة في الوعي. ورأيت في السيرة الشعبية مادة أكثر أهمية من غرائبيات الكتب الرسمية، وذلك لأنها تمثل، برأيي، خلاصة نهائية لما مكث في الوجدان الشعبي بعد غربلة طويلة.