وصف الكتاب:
كتاب "الإنصاف" كتاب غريب طريف، على جانب من الأهمية، بالرغم من صغر حجمه ونسيانه بين مؤلفات الأندلسيين. والمؤلف واحد من كبار علماء الأندلس وأدبائها وهو ابن السيّد البطليوسي الذي كان عصره من أكثر عصور الأندلس حركةً ونشاطاً ومظاهر تنوع وتغيّر، فهو أدرك مرة دول الطوائف صدراً من شبابه، وعاصر دولة المرابطين في إبانها وتمكنها. وهو على كل حال علامة بارزة من علامات عصره: في تقلب أحوال حياته، ومعيشته، ونشد به في أطراف من السياسة، وهو نموذج فذ للشخصية الثقافية الأندلسية بعد أن بلغت النضج والكمال. وكانت الحركة الحضارية في الأندلس لعهد ابن السيّد في عنفوانها: في العلوم والفنون والصنائع والآداب. ويعد ابن السيّد واحداً من أهم أعلام القرن الخامس، بل أنه ليعد من أبرز رجال الأندلس على اختلاف عصورها. ولد ونشأ بمدينة بطليوس فنسب إليها، وصار يعرف بالبطليوسي وكانت ولادته سنة 444هـ. وكانت جوانبه متشعبة كثيرة، تمثل اتساع الثقافة الأندلسية، وآثاره التي وصلت إلينا تدل على علو مقدرته في ضروب المعرفة التي مدّ يده إليها. وكان له مؤلفات كثيرة. وكتابه "الانصاف" واحد من مؤلفاته الهامة وفيه يسرد المؤلف الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين أهل الملة الحنيفية، حتى صار من فقهائهم: (المالكي، والشافعي، والحنفي، والأوزاعي)، ومن ذوي مقالاتهم: (الجبري، والقدري، والمشبه...الخ). وابن السيّد من العلماء القلائل الذي مكنتهم ثقافتهم الواسعة المتعددة الجوانب من الإسهام في هذا الباب بمثل تلك الموضوعية حتى جاء كتابه هذا في مقدمة الكتب التي تحدثت في موضوع أسباب الخلاف.