وصف الكتاب:
لقد كان لمحنة الأندلس، وقع عميق في نفوس العرب غير أنها لم تثر وحي الشعر كما أثاره من قبل سقوط الدول والقواعد الأندلسية، أيام كانت الدولة العربية في أوج ازدهارها، ذلك أن الشعر الأندلسي كان قد انهار منذ بعيد وتحطمت الأقلام، ومع ذلك فقد صدرت في رثاء الأندلس نفثات قوية مؤثرة تهز أوتار القلوب. وإذا نحن أقمنا توازناً لحصيلة التأمل في هذا الشعر مع ما يرسيه من قيم لرأينا غلبة القيم السلبية التي تدعو الناس إلى الهروب والخنوع والاستسلام، على القيم الإيجابية التي تنادي الناس للرفض والصمود، ومن الملاحظ أن هذه الدعوات إلى الاستسلام والخضوع لم تظهر إلا في أواخر عهد الأندلسيين، حيث سقط الفكر وخبا صوت الشعر عاكساً العجز والانحطاط على أثر سقوط غرناطة آخر مملكة من ممالك الأندلس. فراح يسجل تلك النهايات بكلمات دامية وعبارات قاسية، وكان خير معبر عن هذه النكبة. ولم يكتف هذا الشعر بعرض الأحداث والوقوف على سطحيتها بل غاص أحياناً على الأعماق منتزعاً منها دلالات وإشارات تحاول تحليل الهزيمة واستنتاج الانكسار.